(قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) لا أدّعي الإحاطة على كلماته.
عن ابن عبّاس : علّم الله نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم التواضع لئلّا يزهى على خلقه ، فأمره أن يقرّ على نفسه بأنّه آدميّ كغيره ، إلّا أنّه أكرم بالوحي. وهو قوله : (يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) وإنّما ميّزت عنكم بذلك. يعني : لا فضل لي عليكم إلّا بالدين والنبوّة ، ولا علم لي إلّا ما علّمنيه الله تعالى.
(فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ) يأمل حسن جزائه عند ربّه (فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً) خالصا لله ، يتقرّب به إليه ، بحيث يرتضيه (وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) من ملك أو بشر ، أو حجر أو شجر. والأكثر أنّ معناه لا يرائيه.
وعن عطاء ، عن ابن عبّاس : أنّ الله تعالى قال : (وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) ولم يقل : ولا يشرك به ، لأنّه أراد العمل الّذي يعمل لله ، ويحبّ أن يحمد عليه.
وعن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «اتّقوا الشرك الأصغر. قالوا : وما الشرك الأصغر؟ قال : الرياء».
وروي عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «قال الله عزوجل : أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، فمن عمل عملا أشرك فيه معي غيري فأنا منه بريء ، فهو للّذي أشرك». رواه مسلم في الصحيح (١).
وروي عن عبادة بن الصامت وشدّاد بن أوس قالا : سمعنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «من صلّى صلاة يرائي بها فقد أشرك ، ومن صام صوما يرائي به فقد أشرك ، ثمّ قرأ هذه الآية».
وروي أنّ جندب بن زهير قال لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّي لأعمل العمل لله ، فإذا اطّلع عليه سرّني. فقال : إنّ الله لا يقبل ما شورك فيه. فنزلت تصديقا له».
وروي : «أنّ أبا الحسن الرضا عليهالسلام دخل يوما على المأمون فرآه يتوضّأ للصلاة والغلام يصبّ على يده الماء ، فقال : لا تشرك بعبادة ربّك أحدا. فصرف المأمون الغلام ، وتولّى إتمام وضوئه بنفسه».
__________________
(١) صحيح مسلم ٤ : ٢٢٨٩ ح ٤٦.