وإن لم يكن معتادا فإجابته معتادة ، وأنّه تعالى عوّده بالإجابة وأطمعه فيها ، ومن حقّ الكريم أن لا يخيب من أطمعه. والمعنى : أنّك ما خيّبتني فيما سألتك ، ولا حرّمتني الاستجابة.
وعن بعضهم : أنّ محتاجا سأله وقال : أنا الّذي أحسنت إليّ وقت كذا. فقال : مرحبا بمن توسّل بنا إلينا ، فقضى حاجته.
(وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ) يعني : بني عمّه. وعن ابن عبّاس : هم الكلالة. وكانوا أشرار بني إسرائيل ، فخاف على الدين أن يغيّروه ، ويبدّلوا على أمّته أحكام ملّته. (مِنْ وَرائِي) من بعد موتي. وعن ابن كثير : بالمدّ والقصر (١) وفتح الياء. وهذا الظرف لا يتعلّق بـ «خفت» ، لفساد المعنى ، لأنّ بعد الموت لا يكون الخوف ، ولكن بمحذوف ، أو بمعنى الولاية في الموالي ، أي : خفت فعل الموالي ، وهو تبديلهم وسوء خلافتهم من ورائي ، أو خفت الّذين يلون الأمر من ورائي.
(وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً) لا تلد (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا) من صلبي ، يليني ويكون أولى بميراثي ، فإنّ مثل هذه الهيئة لا يرجى إلّا من فضلك وكمال قدرتك ، فإنّي وامرأتي لا نصلح للولادة.
(يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) صفتان له. وجزمهما أبو عمرو والكسائي على أنّهما جواب الدعاء. والمراد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهمالسلام ، فإنّ زكريّا كان من ولد هارون ، وهو من ولد لاوي بن يعقوب. وقيل : يعقوب أخو زكريّا ، أو أخو عمران بن ماثان من نسل سليمان.
واختلف في معنى هذا الإرث ، فقيل : معناه : يرثني مالي ، ويرث من آل يعقوب النبوّة. وقيل : يرثني نبوّتي ونبوّة آل يعقوب. وقيل : يرثني الحبورة ، فإنّه كان حبرا ، ويرث من آل يعقوب الملك.
__________________
(١) أي : وراي.