والكسر العظيم المنكر. والإدّة : الشدّة. وأدّني الأمر : أثقلني وعظم عليّ. وقيل : الإدّ : العجب.
ثمّ بيّن عظم نكارته ، وقرّر شدّة فظاعته وفرط شناعته بقوله : (تَكادُ السَّماواتُ) وقرأ نافع والكسائي بالياء (يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ) يتشقّقن مرّة بعد أخرى.
وقرأ أبو عمرو وابن عامر وحمزة وأبو بكر ويعقوب : ينفطرن. والأوّل أبلغ ، لأنّ التفعّل مطاوع : فعل ، والانفعال مطاوع : فعل. يقال : فطره فانفطر إذا شقّه ، وفطّره فتفطّر إذا شقّقه. ولأنّ أصل التفعّل التكلّف.
(وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا) تهدّ هدّا ، أو مهدودة ، أو لأنّها تهدّ ، أي : تكسر.
ومعنى انفطار السماوات وانشقاق الأرض وخرور الجبال عند قولهم : (اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً) من وجهين :
الأوّل : أن يكون استعظاما للكلمة ، وتهويلا من فظاعتها ، وتصويرا لأثرها في الدين ، وهدمها لأركانه وقواعده. فالمعنى : أنّ هول هذه الكلمة وعظمها بحيث لو تصوّرت بصورة محسوسة ، لم تتحمّلها هذه الأجرام العظام ، وتفتّتت من شدّتها.
والثاني : أنّ فظاعتها مجلبة لغضب الله ، بحيث لو لا حلمه لخرّب الدنيا وبدّد قوائمه ، غضبا على من تفوّه بها ، فإنّها تؤثّر في هدم أركان الدين وقواعد التوحيد ، الّتي هي سبب بناء العالم وعلّة إيجاده وقوامه. فكأنّه قال سبحانه : كدت أفعل هذا بالسماوات والأرض والجبال عند وجود هذه الكلمة ، غضبا منّي على من تقوّل بها لو لا حلمي ووقاري ، وأنّي لا أعجل بالعقوبة ، كما قال : (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً) (١).
(أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً) يحتمل النصب على العلّة لـ «تكاد» ، أو لـ «هدّا» على
__________________
(١) فاطر : ٤١.