(وَلا يَكادُ يُبِينُ) (١). وأجاب عن الأوّل بأنّه لم يسأل حلّ عقدة لسانه مطلقا ، بل عقدة تمنع الإفهام ، ولذلك نكّرها ، وجعل «يفقهوا» جواب الأمر. و «من لساني» يحتمل أن يكون صفة «عقدة». وأن يكون صلة «احلل».
(وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي) لأبي وأمّي ، يعينني على ما كلّفتني به. واشتقاق الوزير إمّا من الوزر ، لأنّه يحمل عن أميره أوزاره ومؤنة. أو من الوزر ، وهو الملجأ ، لأنّ الأمير يعتصم برأيه ويلتجئ إليه في أموره. ومنه : الموازرة ، بمعنى المعاونة. وعن الأصمعي : أصله أزير ، من الأزر بمعنى القوّة ، فقلبت الهمزة إلى الواو.
ووجهه : أنّ فعيلا جاء بمعنى مفاعل ، كقولهم : عشير وجليس وقعيد وخليل وصديق ونديم ، فلمّا قلبت في موازر قلبت فيه. وحمل الشيء على نظيره ليس بعزيز.
ومفعولا «اجعل» : وزيرا وهارون. قدّم ثانيهما عناية بأمر الوزارة. و «لي» صلة ، أو حال. أو مفعولاه «لي وزيرا» ، و «هارون» عطف بيان للوزير. أو (وَزِيراً مِنْ أَهْلِي) و «لي» تبيين ، كقوله : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ). و «أخي» على الوجوه بدل من «هارون».
أو مبتدأ خبره (اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) على لفظ الأمر. والأزر : القوّة. يقال : أزّره ، أي : قوّاه. والمراد بالأمر الرسالة ، أي : اجعله شريكي في الرسالة. وقرأهما ابن عامر بلفظ الخبر ، على أنّهما جواب الأمر.
(كَيْ نُسَبِّحَكَ) ننزّهك عمّا لا يليق بك (كَثِيراً وَنَذْكُرَكَ) ونحمدك ونثني عليك بما أوليت من نعمك (كَثِيراً) أي : لنتعاون على عبادتك وذكرك ، فإنّ التعاون يهيّج الرغبات ، ويؤدّي إلى تكاثر الخيرات وتزايد المبرّات.
(إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً) عالما بأحوالنا ، وبأنّ التعاون والتعاضد ممّا يصلحنا ، وأنّ هارون نعم المعين لي فيما أمرتني به ، فإنّه أكبر منّي سنّا ، وأفصح لسانا ، وأتمّ طولا ، وأبيض جسما ، وأكثر لحما.
__________________
(١) الزخرف : ٥٢.