بالأمر وحده ، وهاهنا إيّاه وأخاه ، فلا تكرير. قيل : أوحى إلى هارون وهو بمصر أن يتلقّى موسى. وقيل : سمع بإقباله فاستقبله.
(فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً) ارفقا به في الدعاء والقول ، ولا تغلظا له في ذلك.
قيل : إنّ القول الليّن هو قوله : (هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى) (١) فإنّه دعوة في صورة مشورة ، وعرض ما فيه الفوز العظيم ، حذرا أن تحمله الحماقة على أن يسطو عليكما ، أو احتراما لما له من حقّ التربية عليك.
وقيل : كنّياه. وهو من ذوي الكنى الثلاث : أبو العبّاس ، وأبو الوليد ، وأبو مرّة.
وقيل : عداه شبابا لا يهرم بعده ، وملكا لا ينزع منه إلّا بالموت ، وأن تبقى له لذّة المطعم والمشرب والمنكح إلى حين موته ، وإذا مات دخل الجنّة جزاء لإيمانه.
فأعجبه ذلك ، وكان لا يقطع أمرا دون هامان ، وكان غائبا ، فلمّا قدم هامان أخبره بالّذي دعاه إليه ، وأنّه يريد أن يقبل منه. فقال هامان : قد كنت أرى أنّ لك عقلا ، وأنّ لك رأيا بيّنا. أنت ربّ وتريد أن تكون مربوبا؟! وبينا أنت تعبد تريد أن تعبد؟! فقلّبه عن رأيه.
(لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى) متعلّق بـ «اذهبا» أو «قولا» أي : باشرا الأمر على رجائكما وطمعكما أنّه يثمر ولا يخيب سعيكما ، فإنّ الراجي مجتهد ، والآيس متكلّف والفائدة في إرسالهما ، والمبالغة عليهما في الاجتهاد ، مع علمه بأنّه لا يؤمن ، إلزام الحجّة وقطع المعذرة ، كما قال في موضع آخر : (وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ) (٢). وإظهار ما حدث في تضاعيف ذلك من الآيات ، والتذكّر للمتحقّق ، والخشية للمتوهّم. ولذلك قدّم الأوّل ، أي : إن لم يتحقّق صدقكما ولم يتذكّر ، فلا أقلّ من أن يتوهّمه فيخشى.
__________________
(١) النازعات : ١٨ ـ ١٩.
(٢) طه : ١٣٤.