يشقّ على الإنسان ، وكلّ ما يبتلي الله عزوجل عباده فتنة. قال : (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً) (١).
(فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ) لبثت فيهم عشر سنين قضاء لأوفى الأجلين.
ومدين على ثماني مراحل من مصر. وعن وهب : أنّه لبث عند شعيب ثمانيا وعشرين سنة ، منها مهر ابنته.
(ثُمَّ جِئْتَ عَلى قَدَرٍ) قدّرته ذلك القدر ، ووقّتّه في سبق قضائي وقدري ، لأن أكلّمك وأستنبؤك غير مستقدم وقته المعيّن ولا مستأخر. أو على مقدار من السنّ يوحى فيه إلى الأنبياء ، وهو رأس أربعين سنة. (يا مُوسى) كرّره عقيب ما هو غاية الحكاية للتنبيه على ذلك.
(وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي) اتّخذتك صنيعتي وخالصتي. أو اصطنعتك لمحبّتي ، واختصصتك بكلامي. مثّله فيما خوّله من منزلة التكريم والتقريب والتكليم ، بحال من يراه بعض الملوك ـ جوامع خصال فيه ، ومزايا خصائص له ـ أهلا لئلّا يكون أحد أقرب منزلة منه إليه ، ولا ألطف محلّا ، فيصطنعه بالكرامة والأثرة ، ويستخلصه لنفسه ، ولا يبصر ولا يسمع إلّا بعينه وأذنه ، ولا يأتمن على مكنون سرّه إلّا ضميره.
(اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآياتِي) بمعجزاتي (وَلا تَنِيا) ولا تفترا ولا تقصّرا ، من الوني بمعنى الفتور (فِي ذِكْرِي) أي : لا تنسياني حيثما تقلّبتما ، واتّخذا ذكري جناحا تصيران به مستمدّين بذلك العون والتأييد منّي ، معتقدين أنّ أمرا من الأمور لا يتمشّى لأحد إلّا بذكري.
وقيل : في تبليغ الرسالة والدعاء إليّ ، فإنّ الذكر يقع على سائر العبادات ، وتبليغ الرسالة من أجلّها وأعظمها ، فكان جديرا بأن يطلق عليه اسم الذكر.
(اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى) جاوز الحدّ في الطغيان. خاطب موسى أوّلا
__________________
(١) الأنبياء : ٣٥.