وتحيّر ، ودليل على أنّه علم كونه محقّا حتّى خاف منه على ملكه ، فإنّ الساحر لا يقدر أن يخرج ملكا مثله من أرضه ، ويغلبه على ملكه بالسحر.
(فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ) مثل سحرك (فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً) وعدا ، لقوله : (لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ) فإنّ الإخلاف لا يلائم الزمان والمكان (مَكاناً سُوىً) أي : منصفا (١) يكون النصف بيننا والنصف الآخر بينك ، فتستوي مسافته إلينا وإليك. وهو من النعت. وعن مجاهد : هو من الاستواء ، لأنّ المسافة من الوسط إلى الطرفين مستوية لا تفاوت فيها. وقرأ ابن عامر وحمزة ويعقوب بالضّم.
وانتصابه بفعل دلّ عليه المصدر لا به ، فإنّه موصوف. والتقدير : نعد مكانا. أو بأنّه بدل من «موعدا» على تقدير : مكان موعد. فيجعل الضمير في «نخلفه» للموعد ، و «مكانا» بدل من المكان المحذوف.
وعلى هذا يكون طباق الجواب في قوله : (قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ) من حيث المعنى ، فإنّ يوم الزينة يدلّ على مكان بعينه مشتهر باجتماع الناس فيه ، فبذكر الزمان علم المكان. أو بإضمار مثل : مكان موعدكم ، أو وعدكم وعد يوم الزينة.
وقيل : هو يوم عاشوراء ، أو يوم النيروز ، أو يوم عيد كانوا يتّخذون فيه سوقا ، ويتزيّنون ذلك اليوم.
(وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى) عطف على اليوم أو الزينة. وإنّما واعدهم ذلك اليوم ليكون علوّ كلمة الله ، وظهور دينه ، وكبت الكافر ، وزهوق الباطل ، على رؤوس الأشهاد ، وفي المجمع الغاصّ (٢) ، لتقوى رغبة من رغب في اتّباع الحقّ ، ويكلّ حدّ المبطلين وأشياعهم ، ويكثر المحدّث بذلك الأمر المشهور في كلّ بدو وحضر ، ويشيع في جميع أهل الوبر والمدر.
__________________
(١) في هامش النسخة الخطيّة : «المنصف : الموضع الذي ينتصف فيه المسافة. منه».
(٢) أي : المزدحم ، من غصّ المكان بهم : امتلأ وضاق عليهم ، فهو غاصّ.