الرزق على بعض أهل الدنيا تعذيبا له ، كما قال : (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) (١).
(وَرِزْقُ رَبِّكَ) وما ادّخر لك في الآخرة (خَيْرٌ) ممّا منحهم في الدنيا (وَأَبْقى) فإنّه لا ينقطع. أو ما رزقك من نعمة الإسلام والنبوّة خير منه وأدوم. أو ما رزقك من الحلال الطيّب خير من أموالهم المحرّمة الخبيثة ، فإنّ الغالب عليها الغصب والسرقة والربا ، وأبقى بركة.
ثمّ أمر سبحانه نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بأن يأمر أهل بيته بالصلاة ، بعد ما أمره بها ، ليتعاونوا على الاستعانة بها على فقرهم ، ولا يهتمّوا بأمر المعيشة ، ولا يلتفتوا لفت أرباب الثروة ، فقال : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ) أي : أهل بيتك. وقيل : التابعين من أمّتك. (وَاصْطَبِرْ عَلَيْها) واصبر على فعلها ، وداوم عليها.
(لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً) أي : أن ترزق نفسك ولا أهلك (نَحْنُ نَرْزُقُكَ) وإيّاهم ، فلا تهتمّ بأمر الرزق والمعيشة ، وفرّغ بالك لأمر الآخرة (وَالْعاقِبَةُ) المحمودة (لِلتَّقْوى) لذوي التقوى.
ويؤيّد أنّ الآية نزلت في أهل بيته صلىاللهعليهوآلهوسلم ما روي عن أبي سعيد الخدري : «لمّا نزلت هذه الآية كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يأتي باب فاطمة وعليّ عليهماالسلام تسعة أشهر وقت كلّ صلاة ، فيقول : الصلاة رحمكم الله (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ) (٢) الآية».
وما روي عن أبي جعفر عليهالسلام : «أمر الله نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يخصّ أهله دون الناس ، ليعلم الناس أنّ لأهله عند الله منزلة ليست للناس ، فأمرهم مع الناس عامّة ، ثمّ أمرهم خاصّة».
وروي أيضا أنّه إذا أصاب أهله فقرا أمرهم بالصلاة ، وتلا هذه الآية.
__________________
(١) الأعراف : ١٨٢ ـ ١٨٣.
(٢) الأحزاب : ٣٣.