وعن ابن عبّاس : أنّ المراد بالناس المشركون. وهذا من إطلاق اسم الجنس على بعضه.
ووجه اختصاصهم بالكفّار تقييدهم بقوله : (وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ) عن الحساب (مُعْرِضُونَ) عن التفكّر في عاقبته ، ولا يتفطّنون لما ترجع إليه خاتمة أمرهم ، مع اقتضاء عقولهم أنّه لا بدّ من جزاء المحسن والمسيء. وهما خبران للضمير. ويجوز أن يكون الظرف حالا من المستكن في «معرضون». وقد تضمّنت الآية الحثّ على الاستعداد ليوم القيامة.
(ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ) ينبّههم عن سنة الغفلة والجهالة. وهو طائفة نازلة من القرآن. (مِنْ رَبِّهِمْ) صفة لـ «ذكر» أو صلة لـ «يأتيهم» (مُحْدَثٍ) يحدث الله لهم آية بعد آية ، ويجدّد لهم سورة بعد سورة (إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ) يستهزؤن به ويستسخرون منه ، لتناهي غفلتهم ، وفرط إعراضهم عن النظر في الأمور ، والتفكّر في العواقب.
وعجز الآية حال من الواو. وكذلك (لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ) أي : استمعوه جامعين بين الاستهزاء والتلهّي والذهول عن التفكّر فيه. ويجوز أن يكون حالا من واو «يلعبون».
وتنقيح المعنى : أنّهم إذا نبّهوا عن سنة الغفلة ، وفطنوا لذلك بما يتلى عليهم من الآيات والنذر ، أعرضوا عن التفكّر ، وسدّوا أسماعهم ونفروا. وقرّر إعراضهم عن تنبيه المنبّه وإيقاظ الموقظ ، بأنّ الله يجدّد لهم الذكر وقتا فوقتا ، ويحدث لهم آية بعد آية ، وسورة بعد سورة ، ليكرّر على أسماعهم التنبيه والموعظة ، لعلّهم يتّعظون. فما يزيدهم استماع الآي والسور ، وما فيها من فنون المواعظ والبصائر الّتي هي أحقّ الحقّ وأجدّ الجدّ ، إلّا لعبا وتلهّيا واستهزاء واستسخارا.
(وَأَسَرُّوا النَّجْوَى) ذكر التناجي بعد الإسرار ـ وإن لم يكن إلّا إسرارا ـ للمبالغة. والمعنى : بالغوا في إخفائها ، أو جعلوها بحيث لا يفطن أحد لتناجيهم ، ولا