واعلم أنّ حكم هذه المسألة في شرعنا ضمان مالك الماشية مع التفريط لا بدونه ، تمسّكا بالروايات المأثورة عن أئمّتنا عليهمالسلام.
وقال بعض أصحابنا والشافعي ، يضمن ليلا لا نهارا ، تمسّكا بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم حين دخلت ناقة البراء حائطا فأفسدته : «على أهل الأموال حفظها بالنهار ، وعلى أهل الماشية حفظها بالليل».
وعند أبي حنيفة : لا ضمان إلّا أن يكون معها حافظ ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «جرح العجماء جبار (١)».
(وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ) يقدّسن الله معه ، بأن يخلق الله فيها الكلام كما خلقه في الشجرة حين كلّم موسى. وهو حال بمعنى مسبّحات. أو استئناف لبيان وجه التسخير ، كأنّ قائلا يقول : كيف سخّرهنّ؟ فقال : يسبّحن. و «مع» متعلّقة به ، أو بـ «سخّرنا».
وقيل : معنى التسبيح السير ، يعني : يسرن معه حيث شاء. من السباحة.
وقيل : معناه : يسبّح من رآها تسير بتسيير الله عزوجل. فلمّا حملت على التسبيح وصفت به.
(وَالطَّيْرَ) عطف على الجبال ، أو مفعول معه. وقدّم الجبال على الطير ، لأنّ تسخيرها وتسبيحها أعجب وأدلّ على القدرة ، وأدخل في الإعجاز ، لأنّها جماد ، والطير حيوان ، إلّا أنّه غير ناطق.
وروي : أنّه كان يمرّ بالجبال مسبّحا وهي تجاوبه. وكذلك الطير يسبّح معه بالغداة والعشيّ معجزة له.
(وَكُنَّا فاعِلِينَ) لأمثاله ، فليس ببدع منّا ، وإن كان عجبا عندكم.
(وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ) عمل الدرع. وهو في الأصل اللباس. قال :
__________________
(١) العجماء : البهيمة. والجبار : الهدر. أي : جرح البهيمة هدر ، لأنّها لا تقاصّ بما فعلت.