البس لكلّ حالة لبوسها |
|
إمّا نعيمها وإمّا بوسها |
قال قتادة : أوّل من صنع الدروع داود ، وإنّما كانت صفائح ، جعل الله سبحانه الحديد في يده كالعجين ، فهو أوّل من سردها (١) وحلقها ، فجمعت الخفّة والتحصين.
(لَكُمْ) متعلّق بـ «علّم». أو صفة للبوس. (لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ) ليحرزكم ويمنعكم من وقع السلاح. وقيل للسلاح : بأسكم. وقيل : معناه : من حربكم ، أي : في حالة الحرب والقتال ، فإنّ البأس في اللغة هو شدّة القتال. وهذا بدل من «لكم» بدل الاشتمال ، بإعادة الجارّ. والضمير لداود ، أو للبوس.
وقرأ ابن عامر وحفص بالتاء للصنعة ، أو للبوس على تأويل الدرع. وفي قراءة أبي بكر ورويس بالنون لله عزوجل.
(فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ) ذلك أمر أخرجه في صورة الاستفهام للمبالغة والتقريع.
روي : أنّ سبب إلانة الحديد لداود عليهالسلام أنّه كان نبيّا ملكا ، وكان يطوف في ولايته متنكّرا يتعرّف أحوال عمّاله ومتصرّفيه ، ليدفع المنكر إن صدر منهم. فاستقبله جبرئيل عليهالسلام ذات يوم على صورة آدميّ ، فسلّم عليه. فردّ السلام ، وقال : ما سيرة داود؟
فقال : نعمت السيرة لو لا خصلة فيه.
قال : وما هي؟
فقال : إنّه يأكل من بيت مال المسلمين.
فتنكّره وأثنى عليه ، وقال : لقد أقسم داود إنّه لا يأكل من بيت مال المسلمين.
فعلم الله سبحانه صدقه ، فألان له الحديد ، كما قال : (وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) (٢).
وروي : أنّ لقمان الحكيم حضره فرآه يفعل ذلك ، فصبر ولم يسأله حتّى فرغ من ذلك ، فقام ولبس وقال : نعمت الجنّة للحرب. فقال لقمان : الصمت حكمة ، وقليل فاعله.
__________________
(١) سرد الدرع : نسجها. ويقال لصانع الدرع : سرّاد.
(٢) سبأ : ١٠.