(وَلِسُلَيْمانَ) عطف على (مَعَ داوُدَ الْجِبالَ). ويحتمل أن يكون اللام فيه دون الأوّل ، لأنّ الخارق فيه عائد إلى سليمان نافع له ، وفي الأوّل أمر يظهر في الجبال والطير مع داود وبالإضافة إليه (الرِّيحَ عاصِفَةً) شديدة الهبوب ، من حيث إنّها مرّت بكرسيّه وأبعدت به في مدّة يسيرة ، كما قال تعالى : (غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ) (١). فكانت عاصفة في عملها ، مع طاعتها لسليمان ، رخاء في نفسها ، طيّبة كالنسيم.
وقال ابن عبّاس : كانت رخاء في وقت ، وعاصفة في وقت آخر ، حسب إرادته.
وذلك قوله : (رُخاءً حَيْثُ أَصابَ) (٢).
(تَجْرِي بِأَمْرِهِ) بمشيئته. حال ثانية ، أو بدل من الأولى ، أو حال من ضميرها.
(إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها) إلى الشام رواحا بعد ما سارت به منه بكرة (وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عالِمِينَ) فنجري الأشياء كلّها على ما تقتضيه حكمتنا وعلمنا. فإنّما أعطيناه ما أعطيناه ، لما علمناه من المصلحة.
قال وهب : وكان سليمان يخرج إلى مجلسه ، فتعكف عليه الطير ، ويقوم له الإنس والجنّ ، حتّى يجلس على سريره ، ويجتمع معه جنوده ، ثمّ تحمله الريح إلى حيث أراد.
(وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ) في البحار ، ويستخرجون جواهرها النفيسة. والغوص هو النزول إلى تحت الماء. و «من» عطف على الريح. أو مبتدأ خبره ما قبله. وهي نكرة موصوفة.
(وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذلِكَ) سواه ، أي : يتجاوزون ذلك إلى أعمال أخر ، كبناء المدن والقصور ، واختراع الصنائع الغريبة ، كقوله : (يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ
__________________
(١) سبأ : ١٢.
(٢) ص : ٣٦.