الجنّة (خالِدُونَ) دائمون في غاية التنعّم. وتقديم الظرف للاختصاص ، أو الاهتمام به. والشهوة طلب النفس اللذّة.
(لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ) الخوف الأعظم. وهو النفخة الأخيرة ، لقوله : (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) (١). وعن الحسن : الانصراف إلى النار. وعن الضحّاك : هو عذاب النار حين تطبق على أهلها. وقيل : هو أن يذبح الموت على صورة كبش أملح ، وينادى : يا أهل الجنّة خلود لا موت ، ويا أهل النار خلود لا موت.
وروى أبو سعيد الخدري عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «ثلاثة على كثبان من مسك ، لا يحزنهم الفزع الأكبر ، ولا يكترثون للحساب : رجل قرأ القرآن محتسبا ، ثمّ أمّ به قوما محتسبا ، ورجل أذّن محتسبا ، ومملوك أدّى حقّ الله عزوجل وحقّ مواليه».
(وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ) أي : تستقبلهم مهنّئين لهم على أبواب الجنّة ، ويقولون : (هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) به في الدّنيا.
(يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ) مقدّر بـ : اذكر. أو ظرف لـ «لا يحزنهم» أو «تتلقّاهم». أو حال مقدّرة من العائد المحذوف من «توعدون» أعني : توعدونه. والطيّ ضدّ النشر.
يعني : أنّ السماء نشرت مظلّة لبني آدم ، فإذا انتقلوا قوّضت عنهم وطويت. (كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ) أي : طيّا كطيّ الصحيفة. وهي الطومار المجعول للكتابة ، أي : ليكتب ، أو لما يكتب فيه. وقرأ حمزة والكسائي وحفص : للكتب ، على الجمع ، بمعنى المكتوبات ، أي : المعاني الكثيرة المكتوبة فيه.
وقيل : السجلّ ملك يطوي كتب أعمال بني آدم إذا رفعت إليه. وفي رواية عن ابن عبّاس : كاتب كان لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. وعلى هذا ، فالكتاب اسم الصحيفة المكتوب فيها.
(كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ) «ما» كافّة ، أو مصدريّة. و «أوّل» مفعول «نعيد» الّذي يفسّره «نعيده» ، والكاف متعلّق به. والمعنى : نعيد أوّل الخلق مثل ما بدأنا ، أو مثل
__________________
(١) النمل : ٨٧.