الْبَعْثِ) من إمكانه ، وكونه مقدورا لله تعالى. والريب أقبح الشكّ. (فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ) أي : فمزيل ريبكم أن تنظروا في بدء خلقكم ، فإنّا خلقناكم (مِنْ تُرابٍ) بخلق آدم منه ، أو الأغذية الّتي يتكوّن منها المنّي (ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ) من منيّ. من النطف ، وهو الصبّ. (ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ) قطعة من الدم جامدة (ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ) قطعة صغيرة من اللحم. وهي في الأصل قدر ما يمضغ. (مُخَلَّقَةٍ) مسوّاة ملساء لا نقص فيها ولا عيب ، أو تامّة ، أو مصوّرة (وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) وغير مسوّاة ، أو ساقطة ، أو غير مصوّرة. يقال : خلق العود إذا سوّاه وملّسه. وصخرة خلقاء : إذا كانت ملساء.
وقيل : إنّ الله تعالى يخلق المضغ متفاوتة : منها ما هو كامل الخلقة أملس من العيوب ، ومنها ما هو على عكس ذلك ، فيتبع ذلك التفاوت تفاوت الناس في خلقهم وصورهم ، وطولهم وقصرهم ، وتمامهم ونقصانهم.
وإنّما نقلناكم من خلقة إلى خلقة ومن حال إلى حال (لِنُبَيِّنَ لَكُمْ) بهذا التدريج قدرتنا وحكمتنا ، وأنّ ما قبل التغيّر والفساد والتكوّن مرّة قبلها اخرى. وأنّ من قدر على خلق البشر من تراب أوّلا ، ثمّ من نطفة ثانيا ، ولا تناسب بين الماء والتراب ، وقدر على أن يجعل النطفة علقة ، وبينهما تباين ظاهر ، ثمّ يجعل العلقة مضغة ، والمضغة عظاما ، مع عدم التناسب بين كلّ منهما ، قدر على إعادة ما أبدأه ، بل هذا ادخل في القدرة من تلك ، وأهون في القياس.
وحذف المفعول إيماء إلى أنّ أفعاله هذه يتبيّن بها من قدرته وحكمته ما لا يحيط به الذكر والبيان ، ولا يكتنهه الوصف.
(وَنُقِرُّ) ونبقي (فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ) أن نقرّه ونبقيه (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) هو وقت الوضع (ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً) نصبه على الحال. ووحّده لأنّه في الأصل مصدر ، كقولهم : رجل عدل ورجال عدل. أو لدلالته على الجنس. أو على تأويل كلّ واحد.
(ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ) أي : حال اجتماع كمال العقل والقوّة والتمييز ، وتمام