لأنّ التبوئة من أجل العبادة ، فكأنّه قيل : تعبّدنا إبراهيم بأن قلنا له : لا تشرك بي شيئا.
(وَطَهِّرْ بَيْتِيَ) من الأوثان والأقذار. وقرأ نافع وحفص وهشام : بيتي بفتح الياء.
(لِلطَّائِفِينَ) لمن يطوفون به (وَالْقائِمِينَ) ويقيمون حوله (وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) ولمن يصلّون فيه. سمّى الصلاة بهما تسمية للشيء باسم أشرف أجزائه ، فإنّهما أعظم أركانها.
(وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ) ناد فيهم (بِالْحَجِ) بدعوة الحجّ والأمر به.
روي أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم صعد أبا قبيس ، ووضع إصبعيه في أذنيه ، فقال : «يا أيها الناس حجوا بيت ربكم» فأسمعه الله من أصلاب الرجال وأرحام النساء ، فيما بين المشرق والمغرب ، ممّن سبق في علمه أن يحجّ ، كما أسمع سليمان ، مع ارتفاع منزلته وكثرة جنوده حوله ، صوت النملة مع خفضه. وأوّل من أجابه أهل اليمن.
وعن الحسن : الخطاب للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أمر بذلك في حجّة الوداع.
وروي عن الصادق عليهالسلام : «أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أقام بالمدينة عشر سنين لم يحجّ ، فلمّا نزلت هذه الآية أمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مناديه أن يؤذّن في الناس بالحجّ ، فاجتمع بالمدينة خلق كثير من الأعراب وغيرهم ، وأكثر أهل الأموال من أهل المدينة ، وخرج صلىاللهعليهوآلهوسلم لأربع بقين من ذي القعدة ، فلمّا انتهى إلى مسجد الشجرة ، وكان وقت الزوال ، اغتسل ونوى حجّ القرآن بعد أن صلّى الظهرين». والقول الأوّل مرويّ عن عليّ عليهالسلام وابن عبّاس.
(يَأْتُوكَ رِجالاً) مشاة. جمع راجل ، كقائم وقيام. (وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ) أي : وركبانا على كلّ بعير مهزول ، أتعبه بعد السفر فهزله.
وروى سعيد بن جبير عن ابن عبّاس أنّه قال لبنيه : يا بنيّ حجّوا من مكّة مشاة حتّى ترجعوا إليها مشاة ، فإنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «للحاجّ الراكب بكلّ خطوة تخطوها راحلته سبعون حسنة ، وللحاجّ الماشي بكلّ خطوة يخطوها سبعمائة حسنة من حسنات الحرم. قيل : وما حسنات الحرم؟ قال : الحسنة بمائة ألف حسنة».
وكان الحسن بن عليّ عليهالسلام يمشي في الحجّ والبدن تساق بين يديه. والحقّ أنّ