المشي إذا لم يضعف عن العبادة فهو أفضل.
(يَأْتِينَ) صفة لـ «كلّ ضامر» محمولة على معناه ، فإنّه في معنى الجمع (مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) طريق بعيد. يقال : بئر بعيدة إذا بعد قعرها.
وروي مرفوعا عن أنس بن مالك قال : سمعت رسول الله يقول : «إنّ الله تعالى يباهي بأهل عرفات الملائكة ، يقول : يا ملائكتي انظروا إلى عبادي شعثا غبرا ، أقبلوا يفدون إليّ من كلّ فجّ عميق ، فأشهدكم أنّي قد أجبت دعاءهم ، وشفعت رغبتهم ، ووهبت مسيئهم لمحسنهم ، وأعطيت محسنهم جميع ما سألوني غير التبعات الّتي بينهم. فإذا أفاض القوم إلى جمع ، وقفوا وعادوا في الرغبة والطلب إلى الله ، يقول : يا ملائكتي عبادي وقفوا وعادوا من الرغبة والطلب ، فأشهدكم أنّي قد أجبت دعاءهم ، وشفعت رغبتهم ، ووهبت مسيئهم لمحسنهم ، وأعطيت محسنهم جميع ما سألني ، وكفلت عنهم بالتبعات الّتي بينهم».
(لِيَشْهَدُوا) ليحضروا (مَنافِعَ لَهُمْ) دينيّة ودنيويّة. وتنكيرها لأنّ المراد بها نوع من المنافع مخصوص بهذه العبادة. وقيل : هو منافع الآخرة ، من العفو والمغفرة. وهو المرويّ عن الصادق عليهالسلام.
وقيل : التجارات ، ترغيبا فيها ، لكون مكّة واديا غير ذي زرع ، ولو لا الترغيب لتضرّر سكّانها. ولذلك قال إبراهيم : (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) (١). ولو حمل على منفعتي الدنيا والآخرة ما كان بعيدا عن الصواب. وتنكيرها دالّ عليه ، كما فسّرنا أوّلا.
(وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ) عند إعداد الهدايا والضحايا وذبحها. وقيل : كنّى بالذكر عن النحر ، لأنّ ذبح المسلمين لا ينفكّ عنه ، تنبيها على أنّه المقصود ممّا يتقرّب به إلى الله.
(فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ) معدودات ، هي عشر ذي الحجّة. سمّيت معلومات للحرص على علمها من أجل وقت الحجّ. وبه قال أبو حنيفة.
__________________
(١) إبراهيم : ٣٧.