وقيل : إنّها يوم النحر والثلاثة بعده أيّام التشريق ، والأيّام المعدودات عشر ذي الحجّة. وهو المرويّ عن الباقر عليهالسلام ، والمأثور عن ابن عبّاس ، واختاره الزجّاج. قال : لأنّ الذكر هنا يدلّ على التسمية على ما يذبح وينحر ، وهذه الأيّام تختصّ بذلك.
وعن الصادق عليهالسلام : «هو التكبير عقيب خمس عشرة صلاة ، أوّلها صلاة الظهر من يوم النحر ، يقول : الله أكبر الله أكبر لا إله إلّا الله والله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد ، الله أكبر على ما هدانا ، والحمد لله على ما أبلانا. والله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام» وفق قوله : (عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ). علّق الفعل بالمرزوق ، وبيّنه بالبهيمة ، تحريضا على التقرّب ، وتنبيها على مقتضى الذكر.
والبهيمة من الإبهام ، بمعنى المبهمة من كلّ ذات أربع في البرّ والبحر. وإنّما سمّيت بالبهيمة ، لأنّها لا تفصح كما يفصح الحيوان الناطق. وأصل الأنعام في الإبل. واشتقاقها من النعمة ، وهي اللين. سمّيت بذلك للين خفافها. وقد يجتمع معها البقر والغنم ، فيسمّى الجميع أنعاما اتّساعا. وإن انفردا لم يسمّيا أنعاما. وإضافة البهيمة للبيان.
(فَكُلُوا مِنْها) من لحومها. أمر بذلك إباحة وإزاحة لما عليه أهل الجاهليّة من التحرّج فيه ، أو ندبا إلى مواساة الفقراء ومساواتهم. وهذا في المتطوّع به دون الواجب.
(وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ) الّذي أصابه بؤس ، أي : شدّة (الْفَقِيرَ) المحتاج الّذي أضعفه الإعسار. مشتقّ من فقار الظهر ، كأنّه كسر فقاره ، لفرط احتياجه. والأمر في الإطعام للندب إن كان الذبح بغير الهدي ، وإلّا فالأمران للوجوب.
(ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) ثمّ ليزيلوا وسخهم بقصّ الشارب والأظفار ، ونتف الإبط وحلق العانة عند الإحلال ، فإنّ التفث بمعنى الوسخ. وعن الزجّاج : التفث كناية عن الخروج من الإحرام إلى الإحلال.
وقيل : المراد به بقيّة أعمال الحجّ بعد الذبح ، من الحلق والرمي وغيرهما من المناسك. وعلى هذا يكون عطف الطواف من باب عطف : جبرئيل وميكائيل ، وفاكهة