يراعي ما يجب القيام به من أحكام الله تعالى ، وامتثل به.
(فَهُوَ) فالتعظيم الّذي هو القيام بأوامر الله ونهيه (خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ) ثوابا.
ولمّا حثّ على تعظيم الحرمات ، ردّ على الكفرة ما كانوا عليه ، فقال : (وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) إلّا المتلوّ عليكم تحريمه. وذلك قوله في سورة المائدة : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) (١). والمعنى : إنّ الله قد أحلّ لكم الأنعام كلّها إلّا ما استثناه في كتابه ، فحافظوا على حدوده ، وإيّاكم أن تحرّموا ممّا أحلّ شيئا ، كتحريم البحيرة والسائبة وغير ذلك ، وأن تحلّوا ممّا حرّم الله ، كإحلالهم أكل الموقوذة والميتة وغير ذلك.
(فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ) أي : الرجس الّذي هو الأوثان ، كما تجتنب الأنجاس. وهو غاية المبالغة في النهي عن تعظيمها ، والتنفير عن عبادتها.
(وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) قول الكذب. تعميم بعد تخصيص ، فإنّ عبادة الأوثان رأس الزور ، لأنّ المشرك زاعم أنّ الوثن تحقّ له العبادة ، وهو محض الكذب.
وقيل : المراد شهادة الزور ، لما روي أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «عدلت شهادة الزور الإشراك بالله ، وتلا هذه الآية».
والزّور من الزّور ، وهو الانحراف ، كما أنّ الإفك من الإفك ، وهو الصرف ، فإنّ الكذب مصروف عن الواقع.
وقيل : قول الزور قول أهل الجاهليّة : لبّيك لا شريك لك إلّا شريك هو لك تملكه وما ملك.
(حُنَفاءَ لِلَّهِ) مخلصين له (غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ) وهما حالان من الواو ، أي : اجتنبوا الأوثان وقول الزور ، مستقيمي الطريقة على أمر الله ، مائلين عن سائر الأديان.
(وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ) لأنّه سقط من أوج سماء الإيمان إلى
__________________
(١) المائدة : ٣.