(وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ) أي : ومن لم يكن له ما يكون له وزن. وهم الكفّار ، لقوله تعالى : (فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) (١). (فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) غبنوها ، حيث ضيّعوا زمان استكمالها ، وأبطلوا استعدادها لنيل كمالها (فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ) بدل من «خسروا أنفسهم». أو خبر ثان لـ «أولئك». أو خبر مبتدأ محذوف.
(تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ) تحرقها. واللفح كالنفح ، إلّا أنّ اللفح أشدّ تأثيرا. (وَهُمْ فِيها كالِحُونَ) من شدّة الاحتراق. والكلوح تقلّص الشفتين عن الأسنان ، كما ترى الرؤوس المشويّة.
عن مالك بن دينار : كان سبب توبة عتبة الغلام أنّه مرّ في السوق برأس أخرج من التنّور ، فغشي عليه ثلاثة أيّام ولياليهنّ.
وروي عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «تشويه النار فتقلّص شفته العليا حتّى تبلغ وسط رأسه ، وتسترخي شفته السفلى حتّى تبلغ سرّته».
(أَلَمْ تَكُنْ) أي : يقال لهم : ألم تكن (آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ) تأنيب وتذكير لهم بما استحقّوا هذا العذاب لأجله.
(قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا) استعلت علينا سيّئاتنا الّتي أوجبت لنا الشقاوة. وهي : سوء العاقبة والمضرّة اللاحقة. وقرأ حمزة والكسائي : شقاوتنا بالفتح ، كالسعادة (وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ) عن الحقّ. ولمّا كانت سيّئاتهم الّتي شقوا بها سبب شقاوتهم سمّيت شقاوة توسّعا. ومن أكبر الشقاء أن يترك عبادة الله إلى عبادة غيره ، ويترك الأدلّة ويتّبع الهوى.
(رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها) من النار (فَإِنْ عُدْنا) إلى التكذيب (فَإِنَّا ظالِمُونَ) لأنفسنا.
(قالَ اخْسَؤُا) اسكتوا سكوت هوان (فِيها) في النار ، فإنّها ليست مقام سؤال.
__________________
(١) الكهف : ١٠٥.