طلبا لما عندي من الثواب.
(فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا) هزؤا. وقرأ نافع وحمزة والكسائي بالضمّ. وهما مصدر سخر كالسخر ، إلّا أن في ياء النسبة زيادة قوّة في الفعل ومبالغة ، كما قيل : الخصوصيّة في الخصوص. وعند الكوفيّين المكسور بمعنى الهزء ، والمضموم من السخرة بمعنى الانقياد والعبوديّة ، أي : تسخّروهم واستعبدوهم. (حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي) من فرط تشاغلكم بالاستهزاء بهم على تلك الصفة ، أي : تركتم أن تذكروني لاشتغالكم بالسخريّة منهم.
فنسب الإنساء إلى عبادة المؤمنين وإن لم يفعلوا ، لمّا كانوا السبب في ذلك. (وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ) استهزاء بهم.
(إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ) يعني : يوم الجزاء (بِما صَبَرُوا) على أذاكم (أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ) أي : فوزهم بمجامع مراداتهم مخصوصين به. وهو ثاني مفعولي «جزيتهم».
وقرأ حمزة والكسائي بالكسر استئنافا ، أي : قد فازوا حيث صبروا ، فجزوا بصبرهم أحسن الجزاء (قالَ) أي : الله ، أو الملك المأمور بسؤالهم ، توبيخا وتبكيتا لمنكري البعث. وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي : قل ، على الأمر للملك ، أو لبعض رؤساء أهل النار. (كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ) أحياء أو أمواتا في القبور (عَدَدَ سِنِينَ) تمييز لـ «كم».
(قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) استقصارا لمدّة لبثهم في الدنيا أو القبور بالنسبة إلى خلودهم في النار. أو لأنّها كانت أيّام سرورهم ، وأيّام السرور قصار ، كما أنّ أيّام المحنة مستطيلة. أو لأنّها منقضية ، والمنقضي في حكم المعدوم.
(فَسْئَلِ الْعادِّينَ) الحسّاب الّذين يتمكّنون من عدّ أيّامها إن أردت تحقيقها ، فإنّا لما نحن فيه من العذاب مشغولون عن تذكّرها وإحصائها ، إلّا أنّا نستقلّها ونحسبها يوما أو بعض يوم. أو الملائكة الّذين يعدّون أعمار الناس ، ويحصون أعمالهم.
ويدلّ على أنّ المراد مدّة لبثهم في القبور ، ما روي عن ابن عبّاس أنّه قال : أنساهم