الأجرام ، وينزل منه محكمات الأقضية والأحكام. ولذلك وصفه بالكرم ، وهو كثرة الخير. أو لنسبته إلى أكرم الأكرمين.
(وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) أي : يعبده (لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ) صفة اخرى لـ «إلها» لازمة له ، نحو قوله : (يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ) (١). وبناء الحكم عليه ، تنبيها على أنّ التديّن بما لا دليل عليه ممنوع ، فضلا عمّا دلّ الدليل على خلافه. ويجوز أن يكون اعتراضا بين الشرط والجزاء لذلك ، كقولك : من أحسن إلى زيد لا أحقّ بالإحسان منه ، فالله مثيبه.
(فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ) فهو مجاز له مقدار ما يستحقّه (إِنَّهُ) إن الشأن (لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ) وضع «الكافرون» موضع الضمير ، لأنّ «من يدع» في معنى الجمع. وكذلك «حسابه».
واعلم أنّه سبحانه بدأ السورة بتقرير فلاح المؤمنين ، وختمها بنفي الفلاح عن الكافرين ، فشتّان ما بين الفاتحة والخاتمة.
ولمّا حكى الله سبحانه أحوال الكفّار أمر رسوله بأن يتبرّأ منهم ، وأن ينقطع إليه عمّا سواه ويسترحمه ، فقال : (وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ) ذنوب عبادك (وَارْحَمْ) وأنعم على خلقك (وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ) أفضل المنعمين ، وأكثرهم نعمة ، وأوسعهم فضلا.
__________________
(١) الأنعام : ٣٨.