وإنّما قدّم الزانية ، لأنّ الزنا في الأغلب يكون بتعرّضها للرجل وعرض نفسها عليه ، ولأنّ مفسدته تتحقّق بالإضافة إليها. والجلد ضرب الجلد بحيث لا يتجاوز ألمه إلى اللحم ، فلا يجوز التبريح (١).
وهذا الحكم مخصّص بالسنّة والكتاب. أمّا السنّة فبالزيادة تارة ، كما في حقّ البكر الذكر ، فإنّه يزاد التغريب سنة ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام».
ومنعه أبو حنيفة. والخبر يبطل قوله. وكذا عمل الصحابة. وقوله : إنّ الآية ناسخة ، ضعيف ، لأنّ عدم ذكر التغريب ليس ذكرا لعدمه ، لتكون ناسخة له. وفعل الصحابة متأخّر عن الآية ، فكيف يكون التغريب منسوخا؟! وبالرجم تارة ، كما في حقّ المحصن والمحصنة ، فإنّ حدّهما الرجم. هذا إن قلنا بعدم ضمّ الجلد إلى الرجم ، وإلّا فهو أيضا زيادة ، وقيل : الضمّ في حقّ الشيخين خاصّة.
وقيل : عامّ. وهو الحقّ ، لأنّ عليّا عليهالسلام جلد سراقة يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة ، وقال : «جلدتها بكتاب الله ، ورجمتها بسنّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم».
وكانت سراقة شابّة ، وفعله عليهالسلام حجّة.
والمراد بالمحصن من له فرج مملوك ، بالعقد الدائم أو بملك اليمين ، يغدو عليه ويروح. وبالمحصنة من لها فرج بالعقد الدائم ، تغدو عليه وتروح. والبكر قيل : هو ما عدا المحصن. وقيل : من أملك ولم يدخل. والطلاق رجعيّا لا ينافي الإحصان مع بقاء العدّة ، بخلاف البائن.
وعندنا لا جزّ على المرأة ولا تغريب. وأمّا الكتاب فينصّف الجلد في حقّ الأمة ، لقوله تعالى : (فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ) (٢). واختلف في العبد ، فقيل : كالحرّ. وقيل : كالأمة. وهو الأقوى ، للرواية المأثورة عن الأئمة عليهمالسلام.
__________________
(١) التبريح : الشدّة والأذى. وبرّح به : أتعبه وجهده وآذاه أذى شديدا.
(٢) النساء : ٢٥.