ممّا نزل في إفك عائشة.
(يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ) ظرف لما في «لهم» من معنى الاستقرار ، لا للعذاب ، لأنّه موصوف. وقرأ حمزة والكسائي بالياء ، للتقدّم والفصل. (أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) يعترفون بها بإنطاق الله إيّاها بغير اختيارهم ، أو بظهور آثاره عليها.
وفي ذلك مزيد تهويل للعذاب. وأمّا قوله : (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ) (١) فإنّه يجوز أن تخرج الألسنة ويختم على الأفواه. أو يكون الختم على الأفواه في حال شهادة الأيدي والأرجل. أو يكون الختم في وقت والإنطاق في وقت آخر ، فإنّ أوقات الساعة متطاولة.
(يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَ) جزاءهم الواجب الّذي مستحقّوه وأهله (وَيَعْلَمُونَ) لمعاينتهم الأمر (أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) الثابت بذاته الظاهر ألوهيّته ، لا يشاركه في ذلك غيره ، ولا يقدر على الثواب والعقاب سواه. أو ذو الحقّ البيّن ، أي : العادل الظاهر عدله ، ومن كان هذا شأنه لا ظلم في حكمه ، وينتقم من الظالم للمظلوم لا محالة.
ثمّ دلّ على تبرئة أهل بيت الرسالة من الإفك بقوله : (الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ) النساء الخبيثات للرجال الخبيثين (وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ) والرجال الخبيثون للنساء الخبيثات (وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ) والنساء الطيّبات للرجال الطيّبين (وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ) والرجال الطيّبون للنساء الطيّبات ، فإنّ الخبائث يتزوّجن الخباث ، وبالعكس للجنسيّة. وكذلك أهل الطيّب.
وقيل : المراد الأقوال الخبيثات والأقوال الطيّبات. فالمعنى : الخبيثات من الكلم للخبيثين من الرجال ، والخبيثون من الرجال للخبيثات من الكلم ، والطيّبات من الكلم للطيّبين من الرجال ، والطيّبون من الرجال للطيّبات من الكلم.
__________________
(١) يس : ٦٥.