وذلك بعد أن أمرنا بالحجاب ـ فدخل علينا ، فقال : احتجبا. فقلنا : يا رسول الله! أليس أعمى لا يبصرنا؟ فقال : أفعمياوان أنتما؟ ألستما تبصرانه؟».
(وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَ) بالتستّر. وقيل : بالتحفّظ عن الزنا. وإنّما قدّم الغضّ على حفظ الفرج ، لأنّ النظر بريد الزنا ورائد الفجور ، والبلوى فيه وأشدّ وأكثر ، ولا يكاد يقدر على الاحتراس منه.
(وَلا يُبْدِينَ) ولا يظهرن (زِينَتَهُنَ) أي : الباطنة ، كالخلخال والسوار (١) والقرط ، وجميع ما هو مباشر للبدن ، فضلا عن مواضعها الّتي هي الذراع والساق والعضد والعنق والرأس والصدر والأذن. فنهى عن إبداء الزين نفسها ، ليعلم أنّ النظر إذا لم يحلّ إليها لملابستها تلك المواضع ، كان النظر إلى المواقع أنفسها متمكّنا في الحظر ، ثابت القدم في الحرمة ، لمن لا يحلّ أن تبدي له. (إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها) عند مزاولة الأشياء كالثياب ، فإنّ في سترها حرجا.
وقيل : المراد بالزينة مواقعها على حذف المضاف. والأصحّ أنّ المراد نفس الزينة ، إذ لو أبيح النظر إليها لكان وسيلة إلى النظر إلى مواضعها.
وقيل : المستثنى هو الوجه والكفّان ، لأنّها ليست بعورة. والصحيح أنّ هذا في الصلاة لا في النظر ، فإنّ بدن الحرّة عورة لا يحلّ لغير الزوج والمحرم النظر إلى شيء منها إلّا لضرورة ، كالمعالجة وتحمّل الشهادة.
(وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَ) أي : وليسدلن أقناعهنّ (٢) على أعناقهنّ وصدورهنّ ، لتسترا عن نظر الأجانب.
قرأ نافع وعاصم وأبو عمرو وهشام بضمّ الجيم على الأصل ، فإنّ كسرها لأجل مناسبة الياء.
__________________
(١) السوار : حلية كالطوق تلبسه المرأة في زندها أو معصمها. والقرط : ما يعلّق في شحمة الأذن من درّة ونحوها.
(٢) جمع القناع ، وهو ما تغطّي به المرأة رأسها