(وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَ) كرّره لبيان من يحلّ له الإبداء ومن لا يحلّ له. (إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَ) فإنّهم المقصودون بالزينة ، لأنّ ذلك يحرّك شهواتهم ، ويدعو إلى المباشرة المقصودة ، ولهذا لهم أن ينظروا إلى جميع البدن حتّى الفرج.
روي : أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لعن السلتاء من النساء والمرهاء. فالسلتاء : هي الّتي لا تختضب.
والمرهاء : هي الّتي لا تكتحل. ولعن المسوّفة والمفسّلة. فالمسوّفة : هي الّتي إذا دعاها زوجها إلى المباشرة قالت : سوف أفعل. والمفسّلة : هي الّتي إذا دعاها قالت : أنا حائض ، وهي غير حائض.
(أَوْ آبائِهِنَّ أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنائِهِنَّ أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَواتِهِنَ) وهم الّذين يحرم عليهم نكاحهنّ. ويدخل أجداد البعولة فيه وإن علوا ، وأحفادهم وإن سفلوا. وإنّما يجوز إبداء الزينة الباطنة لهم لكثرة مداخلتهم عليهنّ ، واحتياجهنّ إلى مداخلتهم ، وقلّة توقّع الفتنة من قبلهم ، لما في الطباع من النفرة عن مماسّة القرائب. ولهم أن ينظروا منهنّ ما يبدو عند المهنة والخدمة.
وإنّما لم يذكر الأعمام والأخوال ، لأنّهم في معنى الإخوان. وسئل عن الشعبي لم لم يذكر الله الأعمام والأخوال؟ قال : لئلّا يصفوهنّ لأبنائهم. وهذا أيضا من الدلالات البليغة على وجوب الاحتياط عليهنّ في التستّر.
(أَوْ نِسائِهِنَ) يعني : المؤمنات ، فإنّ الكافرات لا يتحرّجن عن وصفهنّ للرجال. فيكون الوصف كالنظر ، إلّا إذا كنّ إماء ، لعموم قوله : (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَ) أي : من الإماء خاصّة. فلا يجوز أن ينظر العبد إلى مولاته. وهو قول أكثر أصحابنا ، وعليه الفتوى. وبه قال أبو حنيفة. حتّى إنّه قال : لا يحلّ إمساك الخصيان ولا استخدامهم وبيعهم وشراؤهم. وينبغي أن يحمل ذلك على بيعهم لأجل إدخالهم على النساء ، لأنّ ما كان لأجل المحرّم فهو محرّم ، كبيع العنب ليعمل خمرا.
(أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ) أي : غير أولي الحاجة إلى النساء.