رقبة ، فيدخل تحت قوله : (فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ) (١).
وقيل : المراد أنّه يستحبّ للموالي الإنفاق على المكاتبين بعد أن يؤدّوا ويعتقوا.
وروي : أنّه كان لعبد الله بن أبيّ ستّ جوار : معاذة ، ومسيكة ، واميمة ، وعمرة ، وأروى ، وقتيلة ، يكرههنّ على الزنا ، وضرب عليهنّ الضرائب ، فشكت معاذة ومسيكة إلى رسول الله ، فنزلت : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ) لا تجبروا إماءكم. جمع الفتاة ، وهي الأمة. (عَلَى الْبِغاءِ) على الزنا. وهو مصدر البغيّ. (إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) تعفّفا.
واعلم أنّه لمّا كان الإكراه على الزنا لا يمكن إلّا مع إرادة التحصّن ، كان آمر الطيّعة المواتية للبغاء لا يسمّى مكرها ، ولا أمره إكراها ، فقيّد الأمر بالإكراه بإرادة التحصّن. فلا يرد : أن الشرطيّة منافية للمعنى المقصود ، وهو النهي عن الإكراه على الزنا مطلقا.
وفي إيثار «إن» على «إذا» فائدة جليلة ، وهي الإشارة إلى أنّهنّ راغبات في الزنا مائلات إلى البغاء. فكأنّه قيل لتوبيخهنّ وردعهنّ وتعييرهنّ : هؤلاء الفتيات مائلات إلى الفجور ، راغبات إلى الفواحش ، فإن كان في بعضهنّ إرادة التحصّن ـ وذلك نادر شاذّ ـ فلا تكرهوهنّ على البغاء.
(لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَ) ومن يجبرهنّ على الزنا من سادتهنّ (فَإِنَّ اللهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ) لهنّ لا للمكره ، لأنّ الوزر عليه لا عليهنّ (رَحِيمٌ) بهنّ ، فإنّ الإكراه رافع للإثم ، كما قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «رفع عن أمّتي : الخطأ ، والنسيان ، وما استكرهوا عليه».
وفي ذكر المغفرة هاهنا ، وهي في الأصل تكون فرعا على وجود الذنب ، مبالغة في تعظيم حوب (٢) البغاء ، حتّى كان المكرهات أيضا لا تخلو عن التبعات. ويجوز أن يكون الإكراه دون ما اعتبرته الشريعة ، من الإكراه بقتل ، أو بما يخاف منه التلف أو ذهاب
__________________
(١) البلد : ١٣ ـ ١٤.
(٢) الحوب والحوب : الإثم.