(الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ) مضيء متلألئ ، كالزهرة والمشتري والمرّيخ وسهيل ـ ونحوها من الكواكب المشهورة ـ في مزيد صفائه وزهرته. منسوب إلى الدرّ ، لفرط ابيضاضه ونوره ونقائه. أو فعيل ، كمريق (١) ، من الدرء ، فإنّه يدفع الظلام بضوئه ولمعانه ، إلّا أنّه قلبت همزته ياء. ويدلّ عليه قراءة حمزة وأبي بكر على الأصل. وقرأ أبو عمرو والكسائي : درّيء ، كشرّيب.
(يُوقَدُ) هذا المصباح (مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ) أي : ابتداء توقّد المصباح من شجرة الزيتون المتكاثر نفعه ، بأن رويت ذبالته (٢) بزيتها. وفي إيهام الشجرة ، ووصفها بالبركة ، ثمّ إبدال الزيتونة عنها ، تفخيم لشأنها. وقيل : بارك فيها سبعون نبيّا منهم إبراهيم عليهالسلام. وعن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «عليكم بهذه الشجرة زيت الزيتون ، فتداووا به ، فإنّه مصحّة من الباسور» (٣).
وقرأ أبو بكر وحمزة والكسائي : توقد بالتأنيث ، على أنّ الفاعل الزجاجة أو المشكاة. والباقون بالتذكير على حذف المضاف ، إلّا أنّ أبا عمرو وابن كثير قرءا : توقّد على وزن تفعّل ، والفاعل المصباح على القراءتين.
(لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) أي : ليست من شجرة تطلع عليها الشمس في وقت شروقها وغروبها فقط ، بل تقع عليها طول النهار ، كالّتي تكون على قلّة أو صحراء واسعة ، فإنّ ثمرتها تكون أنضج وزيتها أصفى. أو لا نابتة في شرق المعمورة وغربها ، بل في وسطها وهو الشام ، فإنّ زيتونه أجود الزيتون. أو لا في مضحى تشرق الشمس عليها دائما فتحرقها ، أو في مفيأة (٤) تغيب عنها دائما فتتركها نيئا ، بل الظلّ والشمس يتناوبان
__________________
(١) المريق : العصفر. وهع صبغ أصفر اللون.
(٢) الذبالة : الفتيلة.
(٣) الباسور : علّة في المقعدة يسبّبها تمدّد عروق المقعدة ، ويحدث فيها نزف دم. وجمعه بواسير.
(٤) المفيأة : المكان الذي لا تطلع عليه الشمس.