يعني : ينسلون عن الجماعة في الخفية على سبيل الملاوذة واستتار بعضهم ببعض حتّى يخرج. أو يلوذ بمن يؤذن له فينطلق معه ، كأنّه تابعه. وانتصابه على الحال ، أي : ملاوذين.
قيل : نزلت في حفر الخندق ، وكان قوم يتسلّلون بغير إذن. وقيل : كانوا يتسلّلون عن الجهاد ويرجعون عنه. وقيل : عن خطبة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم الجمعة.
ثمّ حذّرهم عن مخالفة أمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) أي : يخالفون أمره بترك مقتضاه ، ويذهبون سمتا خلاف سمته. وهم المنافقون.
و «عن» لتضمّنه معنى الإعراض. أو يصدّون المؤمنين عن أمره. من : خالفه عن الأمر إذا صدّ عنه. والأصل : يخالفون المؤمنين صادّين عن أمره. وحذف المفعول ، لأنّ المقصود بيان المخالف والمخالف عنه. والضمير لله ، فإنّ الأمر له في الحقيقة ، أو للرسول ، فإنّه المقصود بالذكر.
(أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ) محنة وبليّة في الدنيا (أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) في الآخرة. عن ابن عبّاس : الفتنة القتل. وعن عطاء : هي زلازل وأهوال. وعن الصادق عليهالسلام : «يسلّط عليهم سلطان جائر».
واستدلّ به على أنّ الأمر للوجوب ، فإنّه يدلّ على أنّ ترك مقتضى الأمر مقتض لأحد العذابين ، فإنّ الأمر بالحذر عنه يدلّ على خشية المشروط بقيام المقتضي له ، وذلك يستلزم الوجوب.
(أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ) أيّها المكلّفون من المخالفة والموافقة ، والنفاق والإخلاص ، وذكر «قد» ليؤكّد علمه بما هم عليه من المخالفة عن الدين والنفاق. ومرجع توكيد العلم إلى توكيد الوعيد. وذلك أنّ «قد» إذا دخلت على المضارع كانت بمعنى «ربما» فوافقت «ربما» في خروجها إلى معنى التكثير.
والمعنى : أنّ جميع ما في السماوات والأرض مختصّ به خلقا وملكا وعلما ،