الشيء. وفيه دلالة على أنّهم كانوا مجسّمة ، فلذلك جوّزوا الرؤية على الله.
(لَوْ لا) هلّا (أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ) فيخبرنا بصدق محمد. وقيل : فيكونوا رسلا إلينا. (أَوْ نَرى رَبَّنا) جهرة فيأمرنا بتصديقه واتّباعه.
ثمّ أقسم الله عزوجل فقال : (لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا) بهذا القول (فِي أَنْفُسِهِمْ) أي : أضمروا الاستكبار عن الحقّ ـ وهو الكفر والعناد ـ في قلوبهم واعتقدوه (وَعَتَوْا) وتجاوزوا الحدّ في الظلم (عُتُوًّا كَبِيراً) بالغا أقصى مراتبه. يعني : أنّهم لم يجسروا على هذا القول العظيم ، إلّا لأنّهم بلغوا غاية الاستكبار وأقصى العتوّ ، حيث عاينوا المعجزات القاهرة فأعرضوا عنها ، واقترحوا لأنفسهم الخبيثة غيرها ، كما فعل قوم موسى حين قالوا : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً) (١).
واللام جواب قسم محذوف. وفي الاستئناف بالجملة إشعار بالتعجّب من استكبار هم وعتوّهم من غير لفظ التعجّب. ألا ترى أنّ المعنى : ما أشدّ استكبارهم! وما أكبر عتوّهم! ثمّ أعلم سبحانه أنّ الوقت الّذي يرون فيه الملائكة هو يوم القيامة ، وأنّ الله تعالى قد حرّمهم البشرى في ذلك اليوم ، فقال : (يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ) يعني : يوم القيامة. والمراد ملائكة الموت ، أو ملائكة العذاب. و «يوم» نصب بـ : اذكر ، أو بما دلّ عليه قوله : (لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ) فإنّه بمعنى : يمنعون البشرى ، أو يعدمونها. و «يومئذ» تكرير ، أو خبر. و «للمجرمين» تبيين.
أو خبر ثان. أو ظرف لما يتعلّق به اللام ، أو لـ «بشرى» إن قدّرت منوّنة غير مبنيّة مع «لا» فإنّها لا تعمل.
و «للمجرمين» إمّا عامّ شامل لكلّ مجرم ، كافرا كان أو مؤمنا. ولا يلزم من نفي البشرى لعامّة المجرمين حينئذ ، نفي البشرى بالعفو والشفاعة في وقت آخر. وإمّا خاصّ
__________________
(١) البقرة : ٥٥.