تنتشر الأرواح في اليقظة. أو بعث من النوم بعث الأموات. فيكون إشارة إلى أنّ النوم واليقظة أنموذج للموت والنشور. وعن لقمان : «يا بنيّ كما تنام فتوقظ ، كذلك تموت فتنشر».
(وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ) وقرأ ابن كثير على التوحيد إرادة للجنس (بُشْراً) ناشرات للسحاب. جمع نشور (١). وقرأ ابن عامر بالسكون على التخفيف. وحمزة والكسائي به وبفتح النون ، على أنّه مصدر وصف به. وعاصم : بشرا ، تخفيف بشر جمع بشور ، بمعنى المبشّر.
(بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) يعني : قدّام المطر (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً) بليغا في طهارته. بمعنى : طاهرا في نفسه مطهّرا لغيره ، مزيلا للأحداث والأخباث. ويعضده قوله تعالى : (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ) (٢).
وقيل : هو اسم لمال يتطهّر به ، كالوضوء والوقود والسحور ، بمعنى ما يتوضّأ به ويتوقّد به ويتسحّر به. أو بمعنى الطهارة ، كقوله عليهالسلام : «لا صلاة إلّا بطهور».
واستدلّوا بالنقل والاستعمال.
أمّا الأوّل فلما ذكره اليزيدي من أنّ الطهور بالفتح من الأسماء المتعدّية ، بمعنى المطهّر غيره. وهو أحد أئمّة اللغة ، ومن القرّاء السبعة.
وأمّا الثاني فلأنّه مراد في الاستعمال ، فيكون حقيقة. أمّا إرادته ىفلقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «جعلت لي الأرض مسجدا ، وترابها طهورا».
ولو أراد الطاهر لم يكن له مزيّة. ولأنّهم يقولون : ماء طهور ، ولا يقولون : ثوب طهور ، فلا بدّ من فائدة تختصّ بالماء ، ولا تظهر الفائدة إلّا مع إفادة التطهير لغيره ، فهو من الوضع الثاني.
__________________
(١) النشور من الرياح : الّتي تنشر السحاب. وجمعها : نشر. وقرئ : نشرا ، نشرا ، بشرا. والأخيرة هي القراءة المتّبعة في المصحف الشريف.
(٢) الأنفال : ١١.