يعني : ليظهر معلومنا على ما علّمناه. (أَيُّ الْحِزْبَيْنِ) المختلفين منهم في مدّة لبثهم.
وذلك قوله : (قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ) (١). أو المختلفين من غيرهم في مدّة لبثهم. (أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً) ضبط أمدا لزمان لبثهم. وما في «أيّ» من معنى الاستفهام علّق عنه «لنعلم» يعني : لم يعمل فيه. فهو مبتدأ و «أحصى» خبره. وهو فعل ماض ، و «أمدا» مفعوله ، و «لما لبثوا» حال منه أو مفعول له.
وقيل : إنّه المفعول ، واللام مزيدة ، و «ما» موصولة ، و «أمدا» تمييز.
وقيل : «أحصى» اسم تفضيل من الإحصاء بحذف الزوائد ، كقولهم : هو أحصى للمال ، وأفلس من ابن المذلّق.
وقال صاحب الكشّاف : «وهذا القول ليس بالوجه السديد ، وذلك أنّ بناءه من غير الثلاثيّ المجرّد ليس بقياس. ونحو : أعدى من الجرب وأفلس من ابن المذلّق شاذّ ، والقياس على الشاذّ في غير القرآن ممتنع فكيف به؟ ولأنّ «أمدا» لا يخلوا : إمّا أن ينتصب بأفعل ، وهو غير جائز ، لأن أفعل لا يعمل. وإمّا أن ينتصب بـ «لبثوا» فلا يسدّ عليه المعنى.
وإن زعمت أنّي أنصبه بإضمار فعل يدلّ عليه «أحصى» كما أضمر في قوله : وأضرب منّا بالسيوف القوانسا (٢) ، على : نضرب القوانس ، فقد أبعدت المتناول وهو قريب ، حيث أبيت أن يكون «أحصى» فعلا ، ثمّ رجعت مضطرّا إلى تقديره وإضماره» (٣).
(نَحْنُ نَقُصُ) أي : نتلو (عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِ) خبرهم بالصدق والصحّة (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ) شبّان. جمع فتيّ ، كصبيّ وصبية. (آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً) بالتثبيت.
__________________
(١) الكهف : ١٩.
(٢) في هامش النسخة الخطّية : «القوانس : أعلى البيضة من الحديد والقونس. منه». يعني : أعلى بيضة الفارس وأعلى رأس الفرس.
(٣) الكشّاف ٢ : ٧٠٥.