(وَكَلْبُهُمْ) هو كلب مرّوا به فتبعهم فطردوه ، فأنطقه الله تعالى فقال : أنا أحبّ أحبّاء الله فناموا وأنا أحرسكم. أو كلب راع مرّوا به فتبعهم وتبعه الكلب. وقيل : كان كلب صيدهم ، وهو أصفر اللون. وعن ابن عبّاس : أنمر (١) ، واسمه قطمير. وعن الحسن : أنّ ذلك الكلب مكث هناك ثلاثمائة وتسع سنين بغير شراب وطعام ، ولا نوم ولا قيام.
(باسِطٌ ذِراعَيْهِ) حكاية حال ماضية ، ولذلك أعمل اسم الفاعل. والمعنى : ويلقيهما على الأرض مبسوطتين كافتراش السبع. (بِالْوَصِيدِ) بفناء الكهف. وقيل : الوصيد الباب. وقيل : العتبة. (لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ) فنظرت إليهم (لَوَلَّيْتَ) أي : لهربت (مِنْهُمْ فِراراً) نصبه بالمصدريّة ، لأنّه نوع من التولية ، أو بالعلّية ، أو الحاليّة (وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً) خوفا يملأ صدرك ، بما ألبسهم الله من الهيبة ، أو لعظم أجرامهم وانفتاح عيونهم ، وقيل : لطول أظفارهم وشعورهم. وقيل : لوحشة مكانهم.
وقرأ الحجازيّان : لملّئت بالتشديد ، للمبالغة. وابن عامر والكسائي ويعقوب : رعبا بالتثقيل. وكلاهما بمعنى الخوف الّذي يرعب الصدر ، أي : يملؤه.
وعن معاوية : أنّه غزا الروم فمرّ بالكهف ، فقال : لو كشف لنا عن هؤلاء فننظر إليهم! فقال له ابن عبّاس : ليس ذلك لك ، قد منع الله ذلك من هو خير منك ، فقال : (لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً). فلم يسمع ، وبعث أناسا فلمّا دخلوا جاءت ريح فأحرقتهم.
(وَكَذلِكَ) وكما أنمناهم آية (بَعَثْناهُمْ) آية وادّكارا بكمال قدرتنا (لِيَتَساءَلُوا بَيْنَهُمْ) ليسأل بعضهم بعضا فيتعرّفوا حالهم وما صنع الله بهم ، فيزدادوا يقينا على كمال قدرة الله ، ويستبصروا به أمر البعث ، ويشكروا ما أنعم الله تعالى به عليهم.
(قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) بناء على غالب ظنّهم ، لأنّ النائم لا يحصي مدّة نومه ، ولذلك أحالوا العلم إلى الله (قالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ) ويجوز أن يكون القول الأوّل قول بعضهم ، والثاني إنكار الآخرين عليهم. وعن ابن
__________________
(١) الأنمر : ما فيه نقط سود. يقال : أسد أنمر ، أي : فيه غبرة وسواد.