عبّاس : أنّ قائل هذا القول هو تمليخا رئيسهم.
وقيل : إنّهم دخلوا الكهف غدوة وانتبهوا ظهيرة ، فظنّوا أنّهم في يومهم أو اليوم الّذي بعده قالوا ذلك ، فلمّا نظروا إلى طول أظفارهم وأشعارهم قالوا هذا.
ثمّ لمّا علموا أنّ الأمر ملتبس لا طريق لهم إلى علمه أخذوا في شيء آخر ممّا يهمّهم وقالوا : (فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ) والورق الفضّة مضروبة كانت أو غيرها. وقرأ أبو عمرو وحمزة وأبو بكر وروح عن يعقوب بالتخفيف. وتزوّدهم عند فرارهم دليل على أنّ حمل النفقة وما يصلح المسافر هو رأي المتوكّلين على الله ، دون المتّكلين على الاتّفاقات ، وعلى ما في أوعية القوم من النفقات. عن ابن عبّاس : كان معهم دراهم عليها صورة الملك الّذي كان في زمانهم.
(فَلْيَنْظُرْ أَيُّها) أيّ أهلها (أَزْكى طَعاماً) أحلّ وأطيب. وعن ابن عبّاس : أطهر وأحلّ ذبيحة ، لأنّ عامّتهم كانت مجوسا ، وفيهم قوم مؤمنون يخفون إيمانهم. وقيل : أكثر وأرخص. (فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ) وليتكلّف اللطف في المعاملة حتّى لا يغبن.
أو في التخفّي حتى لا يعرف. (وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً) ولا يفعلنّ ما يؤدّي إلى الشعور.
(إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ) إن يطّلعوا عليكم ويعلموا مكانكم ، أو يظفروا بكم.
والضمير للأهل المقدّر في «أيّها». (يَرْجُمُوكُمْ) يقتلوكم بالرجم ، وهو من أخبث القتل (أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ) أو يصيّروكم إليها كرها ، من العود بمعنى الصيرورة. والتقيّة في ذلك الوقت لم تكن جائزة في إظهار الكفر. وقيل : كانوا أوّلا على دينهم فآمنوا. والمعنى : يعيدوكم إلى دينهم بالاستدعاء دون الإكراه إلى دينهم الّذي كنّا نتديّن به قبل ذلك الوقت. (وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً) إن دخلتم في ملّتهم.
(وَكَذلِكَ) وكما أنمناهم وبعثناهم لتزداد بصيرتهم (أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ) أطلعنا عليهم (لِيَعْلَمُوا) ليعلم الّذين أطلعنا عليهم (أَنَّ وَعْدَ اللهِ) بالبعث أو الموعود الّذي هو البعث (حَقٌ) لأنّ نومهم وانتباههم كحال من يموت ثمّ يبعث (وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيها) وأنّ القيامة لا ريب في إمكانها ، فإنّ من توفّى نفوسهم وأمسكها ثلاثمائة سنين ،