وأمعنت فيهم تقتيلا وتشريدا ، وتعذيبا ونهبا ، وانتزعوا منهم أولادهم وأطفالهم ، وألقوا بهم فى الكنائس والمدارس ، لتلقينهم أصول النصرانية ، وتنشئتهم على تعاليمها وواجباتها!!
كل هذا كان سببا فى هجرة الآلاف من المسلمين إلى أفريقية ، وهناك من اضطر إلى افتداء نفسه وأولاده ، فاعتنق النصرانية ورضى بالدخول فيها!!.
وكانت المراسيم والأوامر الملكية ، تصدر بكل ذلك ، ومن غير انقطاع ، بتبرير هذه الأعمال ، وتنظيم سياسة القضاء على المسلمين ، التى جعلتها الكنيسة كل همها.
يقول يوسف كوندي ـ أحد مؤرخى الإفرنج : ـ
«ففروا إزاء الإرهاب الذى يخضعهم لصولة مطارديهم ، وما منهم إلا مسكين منكود ، وكانت مناظر المحارق في غرناطة ، وقرطبة ، وإشبيلية ، وأنين الفرائس تلتهمها النيران تباعا ، ومناظر المطاردة ، والنفى ، والتعذيب المستمر ـ تملأ نفوسهم رعبا ، يحول دون إبدائها بالتذمر بالقول ولا بالإشارة ؛ إذ اعتبر ذلك دعوة إلى الثورة!.
ويقول المقّرى في «نفح الطيب» :
وبالجملة ، فإنهم «أهل غرناطة» تنصروا عن آخرهم بادية وامتنع قوم من التنصر ، واعتزلوا النصارى ، فلم ينفعهم ذلك.
وامتنعت قرى وأماكن كذلك ، فجمع لهم العدو الجموع واستأصلهم عن آخرهم ، قتلا وسبيا!.
ثم بعد هذا كله ، كان من أظهر التنصر من المسلمين يعبد الله في خفية ويصلى ، فشدد عليهم النصارى في البحث حتى أنهم أحرقوا منهم كثيرا.
وجاء فى كتاب «أخبار العصر فى انقضاء دولة بني نصر» : «ثم دعاهم ملك قشتالة إلى التنصر ، وأكرههم عليه ، وذلك سنة ٩٠٤ م فدخلوا في دينهم كرها ، وصارت الأندلس كلها نصرانية ، ولم يبق فيها من يقول : «لا إله إلا الله محمد رسول الله» إلا من يقولها خفية في قلبه. وجعلت النواقيس في صوامعها بعد الأذان ، وفي مساجدها الصور والصلبان ، بعد ذكر الله ، وتلاوة القرآن فكم فيها من عين باكية ، وقلب حزين! وكم فيها من الضعفاء والمغدورين! لم يقدروا على الهجرة ، واللحوق