بإخوانهم المسلمين ، قلوبهم تشتعل نارا ودموعهم تسيل سيلا غزيرا ، وينظرون أولادهم وبناتهم يعبدون الصلبان ، ويسجدون للأوثان ، ويأكلون الخنزير والميتات ، ويشربون الخمر التى هى أم الخبائث والمنكرات ، فلا يقدرون على منعهم ، ولا على نهيهم ، ولا على زجرهم ، ومن فعل ذلك عوقب بأشد العقاب ، وعذب أشد العذاب ، فيالها فجيعة ما أمرها ، ومصيبة ما أعظمها!.
وفي سنة ١٦٠٩ م صدر الأمر الأخير والنهائي بنفي العرب المتنصرين جميعا ، وإخراجهم من أرض إسبانيا ، بعد أن دخلوا جميعا ـ بحكم العنف والقوة ـ في النصرانية ، وأصبحوا يرتادون الكنائس والمعابد ، ويشهدون القداس ، والطقوس الدينية المختلفة.
فنزح من كان منهم في الشمال إلى فرنسا ، فأكرمهم ملكها هنرى الرابع ، وجاد عليهم بالمساكن والمزارع ، وعلى البعض الآخر بوسائل السفر ، وحشدت السفن فى البحر الأبيض تنقل من كان بالثغور إلى أفريقية.
وبهذا أسدل الستار على تلك المأساة المروعة ، وانتهت حياة أمة من أعظم أمم التاريخ ، وأنبههم ذكرا ، وأعرقهم حضارة!!.
هذه هى إحدى الصفحات السوداء ، التى سجلها التاريخ على المسيحيين في معاملتهم للمسلمين ، وهى صفحة قد لطخت بعار الدهر ، وخزى الأبد ، لا نرى فيها إلا فواجع تدمى القلوب ، وأهوالا تفتت الأكباد ، ولا تصور إلا أقواما خرجوا عن إنسانيتهم ، وتجردوا عن صفاتها ، وانقلبوا إلى مخلوقات بشعة وضيعة ، قد أضرموا غيظا على الإسلام والمسلمين ، وحملتهم شهوة الانتقام على ارتكاب أبشع صور التنكيل والتعذيب.
فهل يمكن للباحث المنصف ، أن يقارن بين ما ارتكبه هؤلاء من الفظائع والمخازى ، وبين ما ضربه المسلمون من المثل العليا ، ووضعوه من الأسس الرفيعة فى العدالة والوفاء والنبل؟!!.
لا شك أنه من العبث محاولة تلك المقارنة!.
قد نجد من يحاول أن يعتذر ، عن هذه الأعمال التى حدثت بالأندلس ، بأن