على جواز القطع ، فرّق هذا القائل بأنّ البيت لا عطف فيه ؛ لأنها قطعت «النّازلين» فنصبته ، و «الطّيّبون» فرفعته عن قولها «قومي» ، وهذا الفرق لا أثر له ؛ لأنه في غير هذا البيت ثبت القطع مع حرف العطف ، أنشد سيبويه : [المتقارب]
١٩٠٢ ـ ويأوي إلى نسوة عطّل |
|
وشعثا مراضيع مثل السّعالي (١) |
فنصب «شعثا» وهو معطوف.
الثاني : أن يكون معطوفا على الضمير في «منهم» ، أي : لكن الراسخون في العلم منهم ، ومن المقيمين الصلاة.
الثالث : أن يكون معطوفا على الكاف في «إليك» ، أي : يؤمنون بما أنزل إليك ، وإلى المقيمين الصّلاة ، وهم الأنبياء.
الرابع : أن يكون معطوفا على «ما» في «بما أنزل» ، أي : يؤمنون بما أنزل إلى محمّدصلىاللهعليهوسلم وبالمقيمين ، ويعزى هذا للكسائيّ ، واختلفت عبارة هؤلاء في «المقيمين» ، فقيل : هم الملائكة ، قال (٢) مكي : ويؤمنون بالملائكة الذين صفتهم إقامة الصلاة ؛ كقوله : (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ) [الأنبياء : ٢٠] ، وقيل : هم الأنبياء ، وقيل : هم المسلمون ، ويكون على حذف مضاف ، أي : وبدين المقيمين.
الخامس : أن يكون معطوفا على الكاف في «قبلك» أي : ومن قبل المقيمين ، ويعني بهم الأنبياء أيضا.
السادس : أن يكون معطوفا على نفس الظّرف ، ويكون على حذف مضاف ، أي : ومن قبل المقيمين ، فحذف المضاف ، وأقيم المضاف إليه مقامه ، فهذا نهاية القول في تخريج هذه القراءة.
وقد زعم قوم أنها لحن ، ونقلوا عن عائشة وأبان بن عثمان أنها خطأ من جهة غلط كاتب المصحف.
قالوا : وحكي عن عائشة وأبان بن عثمان ؛ أنه من غلط الكاتب ، وهذا يعني أن يكتب: «والمقيمون الصلاة» ، وكذلك في سورة «المائدة» : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ) [المائدة : ٦٩] ، وقوله : (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) [طه : ٦٣] ، قالوا : هذا خطأ من الكاتب.
وقال عثمان : «إن في المصحف لحنا ستقيمه العرب بألسنتها» (٣) فقيل له : إلا
__________________
(١) تقدم.
(٢) ينظر : المشكل ١ / ٢١٢.
(٣) لقد كفانا العلامة الزرقاني في مناهله مؤنة الرد على هؤلاء الخونة ، حيث أورد شبهاتهم التي أثاروها حول هذه القضية ثم شرع يفندها ؛ وإليك تفصيل ردوده.
يقولون : روي عن عثمان أنه حين عرض عليه المصحف قال : «أحسنتم وأجملتم ، إن في القرآن لحنا ستقيمه العرب بألسنتها». ـ