ظريف وظروف ، وكروان وكروان ، وورشان وورشان على تقدير حذف الياء والألف» ، وهذا لا بأس به ؛ فإنّ التكسير والتصغير يجريان غالبا مجرى واحدا ، وقد رأيناهم يصغّرون بحذف الزوائد نحو : «زهير وحميد» في أزهر ومحمود ، ويسميه النحويون «تصغير التّرخيم» ، فكذلك التكسير.
الثالث : أنه اسم مفرد ، وهو مصدر جاء على فعول ؛ كالدّخول ، والقعود ، والجلوس ، قاله أبو البقاء (١) وغيره ، وفيه نظر ؛ من حيث إنّ الفعول يكون مصدرا للازم ، ولا يكون للمتعدّي إلا في ألفاظ محفوظة ، نحو : اللّزوم والنّهوك ، وزبر ـ كما ترى ـ متعدّ ، فيضعف جعل الفعول مصدرا له.
قال أهل اللّغة (٢) : الزّبور الكتاب ، وكلّ كتاب زبور ، وهو «فعول» بمعنى «مفعول» ؛ كالرّسول والرّكوب والحلوب ، وأصله من زبرت بمعنى كتبت ، وقد تقدّم معنى هذه المادّة في آل عمران [آية ١٨٤].
فصل في معنى الآية
معنى (وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً) أي : صحفا وكتبا مزبورة ، أي : مكتوبة ، وكان فيها التّحميد والتّمجيد والثّناء على الله تعالى.
قال القرطبيّ (٣) ـ رحمهالله ـ : الزّبور كتاب داود ـ عليهالسلام ـ مائة وخمسين سورة ، ليس فيها حكم ، ولا حلال ، ولا حرام ، وإنّما هي (٤) حكم ومواعظ ، والأصل في الزّبر التّوثيق ؛ فيقال : بئر مزبورة ، أي : مطويّة بالحجارة ، والكتاب يسمّى زبورا ؛ لقوّة الوثيقة به.
وكان داود ـ عليه الصلاة والسلام ـ حسن الصّوت ؛ وإذا أخذ في قراءة الزّبور ، اجتمع عليه الإنس والجنّ والطّير والوحش ؛ لحسن صوته ، وكان متواضعا يأكل من عمل يده في الخوص ، فكان يصنع الدّروع ، فكان أزرق العينين ، وجاء في الحديث : «الزّرقة في العين يمن».
قوله ـ عزوجل ـ : (وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ)](٥) الجمهور على نصب «رسلا» ، وفيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنّه منصوب على الاشتغال ؛ لوجود شروطه ، أي : وقصصنا رسلا.
قال القرطبيّ (٦) : ومثله مما أنشد سيبويه : [المنسرح]
__________________
(١) ينظر : الإملاء ١ / ٢٠٣.
(٢) ينظر : تفسير الرازي ١١ / ٨٦ ، ولسان العرب ٣ / ١٨٠٤.
(٣) ينظر : تفسير القرطبي ٦ / ١٣.
(٤) في أ : ملىء.
(٥) سقط في ب.
(٦) ينظر : تفسير القرطبي ٦ / ١٣.