وكقوله : [الطويل]
١٩٠٧ ـ إذا ما بكى من خلفها انصرفت له |
|
بشقّ وشقّ عندنا لم يحوّل (١) |
والثاني ـ وإليه ذهب ابن عطيّة ـ : أنه ارتفع على خبر ابتداء مضمر ، أي : وهم رسل ، وهذا غير واضح ، والجملة بعد «رسل» على هذا الوجه تكون في محلّ رفع ؛ لوقوعها صفة للنكرة قبلها.
قوله : (وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ) كالأول. وقوله : (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى) الجمهور على رفع الجلالة ، وهي واضحة. و «تكليما» مصدر مؤكد رافع للمجاز.
قال الفرّاء (٢) : العرب [تسمّي](٣) ما يوصل إلى الإنسان كلاما بأيّ طريق وصل ولكن لا تحقّقه بالمصدر ، فإذا حقّق بالمصدر ، لم يكن إلّا حقيقة الكلام ؛ كالإرادة ، يقال : أراد فلان إرادة ، يريد : حقيقة الإرادة.
قال القرطبي (٤) : «تكليما» يقدر معناه بالتّأكيد ، وهذا يدلّ على بطلان قول من يقول : خلق [الله](٥) لنفسه كلاما في شجرة ، فسمعه موسى ـ [عليهالسلام](٦) ـ ، بل هو الكلام الحقيقيّ الذي يكون به المتكلّم متكلّما.
قال النّحّاس (٧) : وأجمع النّحويّون على أنّك إذا أكّدت الفعل بالمصدر ، لم يكن مجازا ، وأنّه لا يجوز في قول الشاعر : [الرجز]
١٩٠٨ ـ امتلأ الحوض وقال قطني (٨)
__________________
ـ لي نسيته وثوب لي أجره ، وعلى هذين التوجيهين ، فالمسوّغ للابتداء بالنكرة كونها موصوفة.
وفي البيت رواية أخرى رواها السكري في شرح ديوان امرىء القيس بنصب ثوب على أنه مفعول مقدم للفعل الذي بعده ، ولا شاهد في البيت على هذه الرواية ، وبعض المتأخرين يرجح هذه الرواية على رواية الرفع ؛ لأنها لا تحوج إلى تقدير محذوف ، وأن حذف الضمير المنصوب العائد على المبتدأ من جملة الخبر ، مما لا يجيزه جماعة من النحاة ، منهم سيبويه إلا لضرورة الشعر ، ولكن رواية سيبويه بالرفع أوثق.
كما ذكروا البيت شاهدا على جواز الابتداء بالنكرة ، بشرط أن تكون للتنويع والتفصيل والبيت لامرىء القيس ينظر ديوانه (١٥٩) سيبويه ١ / ٤٤ ، الكافية ١ / ٩٢ ، شرح ابن عقيل ١ / ٢١٩ ، شرح أبيات مغني اللبيب ٧ / ٣٧ ، المغني ٤٧٢ ، ٦٣٣ ، المحتسب ٢ / ١٤٢ ، ابن الشجري ١ / ٩٣ ، ٣٢٦ ، المقاصد النحوية ١ / ٥٤٥ ، وخزانة الأدب ١ / ٣٧٣ ، ٣٧٤ والأشباه والنظائر ٣ / ١١٠ وشرح ابن عقيل ص ١١٣ والدر المصون ٢ / ٤٦٥.
(١) تقدم.
(٢) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٥٠٠.
(٣) سقط في أ.
(٤) ينظر : تفسير القرطبي ٦ / ١٣.
(٥) سقط في أ.
(٦) سقط في ب.
(٧) ينظر : تفسير القرطبي ٦ / ١٤.
(٨) صدر بيت وعجزه :
مهلا رويدا قد ملأت بطني