همزة «إحدى» لكان قولا يسقط به الدليل لاحتماله ، و «الشّنآن» بالفتح عمّا شذّ عن القاعدة الكلّيّة.
قال سيبويه : كلّ بناء من المصادر على وزن «فعلان» بفتح العين لم يتعدّ فعله إلّا أن يشذّ شيء كالشّنآن ، يعني أنّه مصدر على «فعلان» بالفتح ، ومع ذلك فعله متعدّ ، وفعله أكثر الأفعال مصادر سمع له ستّة عشر مصدرا ، قالوا : شنىء (١) ـ يشنأ [شنئا](٢) وشنآنا مثلّثي الشّين ، فهي ستّ لغات.
وقرأ ابن وثّاب ، والحسن ، والوليد عن يعقوب (٣) «يجرمنكم» بسكون النّون جعلوها نون التوكيد الخفيفة ، والنّهي في اللّفظ للشّنآن ، وهو في المعنى للمخاطبين نحو : «لا أرينك هاهنا» و (وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران : ١٠٢] قاله مكّيّ.
فصل
قال القفّال (٤) : هذا معطوف على قوله : (لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ) إلى قوله : (وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ) يعني : لا يحملنكم عداؤكم لقوم من أجل أنّهم صدّوكم عن المسجد الحرام أن [تعتدوا فتمنعوهم](٥) عن المسجد الحرام ، فإنّ الباطل لا يجوز أن يعتدى (٦) به.
قال محمد بن جرير (٧) : هذه السورة نزلت بعد قصّة «الحديبية» ، فكان الصّدّ قد تقدّم ، وليس للناس أن يعين بعضهم بعضا على العدوان ، حتى إذا تعدّى واحد منهم على الآخر [تعدّى ذلك الآخر](٨) عليه ، لكنّ الواجب أن يعين بعضهم بعضا على ما فيه البرّ والتّقوى.
قوله سبحانه وتعالى : (أَنْ صَدُّوكُمْ).
قرأ أبو عمرو ، وابن كثير (٩) ، بكسر «إن» ، والباقون بفتحها ، فمن كسر فعلى أنّها شرطيّة ، والفتح على أنها علّة للشنآن ، أي لا يكسبنّكم (١٠) أو لا يحملنّكم بغضكم لقوم لأجل صدّهم إيّاكم عن المسجد الحرام ، وهي قراءة واضحة ، وقد استشكل [الناس](١١) قراءة الأخوين من حيث إنّ الشّرط يقتضي أنّ الأمر المشروط لم يقع والغرض أن صدّهم
__________________
(١) في أ : شنأن.
(٢) سقط في أ.
(٣) ينظر : البحر المحيط ٣ / ٤٣٦ ، والدر المصون ٢ / ٤٨٤.
(٤) ينظر : تفسير الرازي ١١ / ١٠٣.
(٥) في ب : يعتدوا فيمنعوهم.
(٦) في أ : تعتدوا.
(٧) ينظر : تفسير الطبري ٤ / ٤٠٤.
(٨) سقط في أ.
(٩) ينظر : السبعة ٢٤٢ ، والحجة ٣ / ٢١٢ ، وحجة القراءات ٢٢٠ ، والعنوان ٨٧ ، وإعراب القراءات ١ / ١٤٣ ، وشرح شعلة ٣٤٧ ، وشرح الطيبة ٤ / ٢٢٥ ، وإتحاف ١ / ٥٢٩.
(١٠) في ب : يكسنيكم.
(١١) سقط في أ.