أحدها : أنها منصوب في المعنى عطفا على الأيدي المغسولة ، وإنّما خفض (١) على الجوار ، كقولهم : هذا جحر ضبّ خرب ، بجر «خرب» ، وكان حقه الرفع ؛ لأنّه صفة في المعنى ل الجحر» لصحة اتصافه به ، والضّب لا يوصف به ، وإنما جره على الجوار.
وهذه المسألة عند النّحويين لها شرط ، وهو أن يؤمن اللّبس كما تقدم تمثيله ، بخلاف : قام غلام زيد العاقل ، إذا جعلت العاقل نعتا للغلام ، امتنع جره على الجوار لأجل اللّبس.
وأنشدوا ـ أيضا ـ قول الشاعر : [البسيط]
١٩٣٤ ـ كأنّما ضربت قدّام أعينها(٢) |
|
قطنا بمستحصد الأوتار محلوج (٣) |
وقول الآخر : [الوافر]
١٩٣٥ ـ فإيّاكم وحيّة بطن واد |
|
هموز النّاب ليس لكم بسيّ (٤) |
وقول الآخر : [الطويل]
١٩٣٦ ـ كأنّ ثبيرا في عرانين وبله |
|
كبير أناس في بجاد مزمّل (٥) |
وقول الآخر : [الرجز]
١٩٣٧ ـ كأنّ نسج العنكبوت المرمل (٦)
بجر «محلوج» وهو صفة ل «قطنا» المنصوب وبجر «هموز» ، وهو صفة ل «حية» المنصوب ، وبجر «المزمّل» وهو صفة «كبير» ؛ لأنّه بمعنى الملتف ، وبجر «المرمل» وهو صفة «نسج» ، وإنما جرت هذه لأجل المجاورة.
وقرأ (٧) الأعمش : «إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين» بجر «المتين» مجاورة ل
__________________
(١) في أ : انخفض.
(٢) في ب : عينها.
(٣) البيت لذي الرمة ، ينظر : ديوانه ص ٩٩٥ ، لسان العرب (حمش) ، الإنصاف ص ٦٠٥ ، أسرار العربية ص ٣٣٨ ، تذكرة النحاة ص ٦١٠ ، خزانة الأدب ٥ / ٩١ ، معاني الفراء ٢ / ٧٤. الدر المصون ٢ / ٤٩٤ ، ورواية اللسان :
كأنما ضربت قدام أعينها |
|
قطن بمستحمش الأوتار محلوج |
(٤) البيت للحطيئة ينظر : ديوانه (٦٩) ، الخصائص ٣ / ٢٢٠ ، الخزانة ٢ / ٣٢١ ، ابن يعيش ٢ / ٨٥ ، الإنصاف (٦٠٦) ، الدر المصون ٢ / ٤٩٤.
(٥) البيت لامرىء القيس. ينظر : ديوانه (٦٢) ، أمالي ابن الشجري ١ / ٩٠ ، المحتسب ١ / ١٩٢ ، ٢ / ١٣٥ ، العمدة ١ / ٢٩٩ ، شرح المعلقات للتبريزي (١٢٧) ، الخزانة ٥ / ٩٨ ، المغني ٢ / ٥١٥ ، تذكرة النحاة ص ٣٠٨ ، ٣٤٦ ، شرح شواهد المغني ٢ / ٨٨٣ ، لسان العرب (عقق) ، الأشباه والنظائر ٢ / ١٠ ، الدر المصون ٢ / ٤٩٤.
(٦) البيت للعجاج. ينظر : ديوانه ١ / ١٣ ، الكتاب ١ / ٢١٧ ، الخصائص ٣ / ٢٢١ ، الخزانة ٢ / ٣٢١ ، الإنصاف (٦٠٥) ، الدر المصون ٢ / ٤٩٤.
(٧) ينظر : الشواذ ١٤٦ ونسبها ليحيى بن وثاب ، وينظر : الدر المصون ٢ / ٤٩٤.