الأول : أن الله ـ تعالى ـ فطر الخلق على الإسلام يوم أخرجهم من ظهر آدم كالذّرّ ، وأشهدهم على أنفسهم ، ألست بربّكم ؛ قالوا بلى ، فمن كفر به ، فقد غيّر فطرة الله تعالى ؛ يؤيده قوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ «كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهوّدانه ، وينصّرانه ، ويمجّسانه» (١).
والثاني : أن التّغيير : تبديل الحلال حراما ، والحرام حلالا.
وقال الحسن ، وعكرمة ، وجماعة من المفسّرين : التّغيير : ما روى عبد الله [بن مسعود](٢) عن النّبي صلىاللهعليهوسلم [أنّه](٣) قال : «لعن الله الواشمات والمستوشمات» (٤).
قالوا : لأنّ المرأة تتوصّل بهذه الأفعال إلى الزّنا ، ولعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم «النامصة والمتنمّصة ، والواصلة والمتوصّلة ، والواشمة والمتوشّمة» (٥).
قال القرطبي (٦) : قال مالك ، وجماعة : إن الوصل بكل شيء ، من الصّوف والخرق (٧) وغير ذلك في معنى وصله بالشّعر ، وأجازه اللّيث بن سعد ، وأباح بعضهم وضع الشّعر على الرّأس من غير وصل ، قالوا (٨) : لأن النهي إنما جاء في الوصل ، والمتنمّصة : هي التي تقطع الشّعر من وجهها بالنّماص ، وهو الذي يقلع الشّعر.
قال ابن العربيّ (٩) : وأهل مصر ينتفون شعر العانة ، وهو منه (١٠) ، فإن السّنّة حلق العانة ، ونتف الإبط ، فأما (١١) نتف الفرج فإنه يرخيه ويؤذيه ويبطل كثيرا من المنفعة فيه.
وأمّا الواشمة والمستوشمة ، فهي الّتي تغرز ظهر كفّها ومعصمها ، ووجهها بإبرة ، ثمّ يحشى ذلك المكان بالكحل أو بالنؤر ، فيخضرّ ، وفي بعض الروايات «الواشية ، والمستوشية» (١٢) بالياء مكان الميم ، والوشي : التّزيّن ، مأخوذ من نسج الثّوب على لونين ، وثور موشّى : في وجهه وقوائمه سواد ، وأما الوشم فجائز في كل الأعضاء غير
__________________
(١) تقدم.
(٢) سقط في أ.
(٣) سقط في ب.
(٤) متفق عليه وأخرجه البخاري في الصحيح ٨ / ٦٣ ، كتاب التفسير سورة الحشر باب وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ الحديث (٤٨٨٦) واللفظ له ، وأخرجه مسلم في الصحيح ٣ / ١٦٧٨ ، كتاب اللباس : باب تحريم فعل الواصلة الحديث (١٢٠ / ٢١٢٥) ، قوله : «المتنمصات» بتشديد الميم المكسورة ، هي التي تطلب إزالة الشعر من الوجه بالمنقاش ، قوله : «والمتفلجات» بكسر اللام المشددة وهي التي تطلب الفلج وهو فرجة ما بين الثنايا والرباعيات.
(٥) أخرجه البخاري في الصحيح ١٠ / ٣٧٤ ، باب وصل الشعر الحديث (٥٩٣٧) ، وأخرجه مسلم في الصحيح ٣ / ١٦٧٧ ، كتاب اللباس باب تحريم فعل الواصلة الحديث (١١٩ / ٣١٢٤).
(٦) ينظر : تفسير القرطبي ٥ / ٢٥٣.
(٧) في أ : والخوف.
(٨) في ب : قال.
(٩) ينظر : أحكام القرآن ١ / ٥٠١.
(١٠) في ب : منبته.
(١١) في ب : وأما.
(١٢) في أ : والمتوشية.