الوجه ؛ لأن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ «نهى عن الضّرب في الوجه (١) وعن الوشم في الوجه» (٢) ، وروي عن أنس ، وشهر بن حوشب ، وعكرمة ، وأبي صالح : التّغيير ههنا هو الإخصاء (٣) ، وقطع الآذان ، وفقأ العيون ؛ لأن فيه تعذيب للحيوان ، وتحريم وتحليل بغير دليل ، والآذان في الأنعام جمال ومنفعة ، وكذلك غيرها من الأعضاء ، فحرّم عليهم الشّيطان ما أحلّه الله (٤) لهم ، وأمرهم أن يشركوا بالله ما لم ينزّل به سلطانا ، ولما كان هذا من فعل الشّيطان ، أمرنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن نستشرف العين والأذن ، ولا نضحّي بعوراء ، ولا مقابلة ، ولا مدابرة (٥) ؛ ولهذا كان أنس (٦) يكره إخصاء الغنم ، وحرمه بعضهم.
قال القرطبي (٧) : فأما خصاء الآدميّ ، فمصيبة ، فإنّه إذا خصي ، بطل قلبه وقوّته ، عكس الحيوان ، وانقطع نسله المأمور به في قوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «تناكحوا تناسلوا» (٨) ثم إن فيه (٩) ألما عظيما ، ربما يفضي بصاحبه إلى الهلاك ، فيكون [فيه](١٠) تضييع مال ، وإذهاب نفس ، وكل ذلك منهيّ عنه ، ثم هذه مثلة ، وقد نهى النّبيّ صلىاللهعليهوسلم عن المثلة (١١) ، وجوّز بعضهم
__________________
(١) أخرجه أحمد في «مسنده» (٢ / ١١٨).
(٢) أخرجه النسائي (٨ / ١٤٩) وأحمد (٤ / ١٣٤) من حديث أبي ريحانة.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٩ / ٢١٥ ـ ٢١٦) عن أنس وعكرمة وشهر بن حوشب.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٣٩٥) عنهم وزاد نسبته لعبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن أنس ، وعبد الرزاق وعبد بن حميد عن شهر بن حوشب ، وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة.
(٤) في ب : أصل.
(٥) أخرجه أحمد في المسند ١ / ١٥٠ ، ضمن مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وأخرجه أبو داود في السنن ٣ / ٢٢٧ ـ ٢٢٨ ، كتاب الضحايا : باب الأضحية عن الميت الحديث (٢٧٩٠) وأخرجه الترمذي في السنن ٤ / ٨٤ ، كتاب الأضاحي باب ما جاء في الأضحية عن الميت الحديث (١٤٩٥) «وحنش» قال عنه المنذري في مختصر سنن أبي داود ٤ / ٩٥ ، كتاب الضحايا ، باب الأضحية عن الميت ، الحديث (٢٦٧٢): (وهو أبو المعتمر الكناني الصنعاني) وقد أخطأ في قوله : «الصنعاني» إذ الصنعاني كنيته «أبو رشدين». وقال عنه القاري في مرقاة المفاتيح ٢ / ٢٦٥ : (هو ابن عبد الله السبائي قيل : إنه كان مع علي بالكوفة ، وقدم مصر بعد قتل علي) وهذا خطأ! لأن «حنش» المذكور في الحديث كما ترجمه المزي في تهذيب الكمال ١ / ٣٤٢ هو : (حنش بن المعتمر ، ويقال : ابن ربيعة الكناني ، أبو المعتمر الكوفي) لأن الراوي عن «حنش» هو «الحكم بن عتيبة» لا يروي إلا عن «حنش بن المعتمر» فتقرّر أنه المراد ، وليس الصنعاني.
(٦) في ب : النبي صلىاللهعليهوسلم.
(٧) ينظر : تفسير القرطبي ٥ / ٢٥١.
(٨) تقدم.
(٩) في ب : قيد الماء.
(١٠) سقط في أ.
(١١) أخرجه أحمد (٥ / ١٢ ، ٢٠) وأبو داود (٣ / ١٢٠) كتاب الجهاد : باب النهي عن المثلة حديث (٢٦٦٧) والبيهقي (٩ / ٦٩) من حديث سمرة وأخرجه البخاري (٩ / ٦٤٣) كتاب الصيد والذبائح : باب ما يكره من المثلة (٥٥١٦) والبيهقي (٩ / ٦٩) من حديث عبد الله بن يزيد. وأخرجه ابن أبي شيبة (٩ / ٤٢١) وأحمد (٤ / ٢٤٦) والطبراني كما في «مجمع الزوائد» (٦ / ٢٤٨) من حديث المغيرة بن شعبة.