والشّرعة في الأصل «السّنّة» ، ومنه : (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ) [الشورى : ١٣] ، أي : سن [لكم وبيّن ووضّح](١).
والشّارع : الطريق ، وهو من الشّريعة التي هي في الأصل : الطّريق الموصّل إلى الماء ، وقال ابن السّكّيت (٢) : الشّرع مصدر شرعت الإهاب ، أي : شققته وسلخته ، وقيل : مأخوذ من الشّروع في الشّيء : وهو الدّخول فيه.
ومنه قول الشاعر : [البسيط]
١٩٧٣ ـ وفي الشّرائع من جلّان مقتنص(٣) |
|
بالي الثّياب خفيّ الصّوت منزرب (٤)(٥) |
والشّريعة : فعيلة بمعنى المفعولة : وهي الأشياء التي أوجب الله تعالى على المكلّفين أن يشرعوا فيها ، والمنهاج مشتقّ من الطّريق النّهج وهو الواضح.
ومنه قوله : [الرجز]
١٩٧٤ ـ من يك ذا شكّ فهذا فلج |
|
ماء رواء وطريق نهج (٦) |
أي : واضح ، يقال : طريق منهج ونهج. وقال ابن عطية (٧) : منهاج مثال مبالغة ، يعني قولهم : «إنّه لمنحار بوائكها» (٨) وهو حسن ، [وهل الشّرعة](٩) والمنهاج بمعنى كقوله : [الطويل]
١٩٧٥ ـ ................ |
|
وهند أتى من دونها النّأي والبعد (١٠) |
وكقوله : [الوافر]
١٩٧٦ ـ ............... |
|
وألفى قولها كذبا ومينا (١١) |
أو مختلفان؟
فالشّرعة : ابتداء الطّريق ، والمنهاج الطّريق المستمرّ ، قاله المبرّد ، أو الشّرعة : الطّريق واضحا كان أو غير واضح ، والمنهاج : الطريق الواضح فقط ، فالأوّل أعمّ. قاله ابن الأنباري ، أو الدّين والدّليل؟ خلاف مشهور.
فصل في معنى الآية
قال ابن عبّاس ، ومجاهد ، والحسن ـ رضي الله عنهم ـ معنى قوله : (لِكُلٍّ جَعَلْنا
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) ينظر : تفسير الرازي ١٢ / ١٢.
(٣) في ب : حلال مقتصر.
(٤) في ب : ميروب.
(٥) البيت لذي الرمة. ينظر : ديوانه ٦٤ ، اللسان (زرب) ، والمحرر الوجيز ٢ / ٢٠١.
(٦) ينظر : مجاز القرآن ١ / ١٦٨ ، واللسان (روى) ، والمقتضب ٣ / ٢٥٩.
(٧) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٢٠١.
(٨) في ب : لمسخنا وموانكها.
(٩) في أ : وهو الشريعة.
(١٠) تقدم.
(١١) تقدم.