وقيل : إنّ لكل عبد بابا في السماء لعمله ، وبابا لرزقه ، فإذا قامت القيامة انفتحت الأبواب.
قال القاضي : هذا الفتح هو معنى قوله : (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) [الانشقاق : ١١] ، (إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ) [الانفطار : ١] إذ الفتح والتشقق تتقارب.
قال ابن الخطيب (١) : وهذا ليس بقوي ؛ لأن المفهوم من فتح الباب غير المفهوم من التشقّق والتفطّر ، فربما تفتح تلك الأبواب مع أنه لا يحصل في جرم السماء تشقق ولا تفطر ، بل الدلائل الصحيحة دلت على أن حصول فتح هذه الأبواب بحصول التفطّر والتشقّق بالكلّية.
فإن قيل : قوله تعالى : (وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً) يفيد أنّ السّماء بكليتها تصير أبوابا بفعل ذلك.
فالجواب من وجوه :
أحدها : أنّ تلك الأبواب لمّا كثرت جدّا صارت كأنّها ليست إلا أبوابا ؛ كقوله تعالى : (وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً) [القمر : ١٢] أي : صارت كلها عيونا تتفجّر.
وثانيها : قال الواحديّ : هذا من باب حذف المضاف ، أي : فكانت ذات أبواب.
وثالثها : أنّ الضمير في قوله تعالى : (فَكانَتْ أَبْواباً) يعود إلى السماء ، والتقدير : فكانت تلك المواضع المفتوحة أبوابا لنزول الملائكة.
قوله تعالى : (وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً).
أي : لا شيء كما أن السراب كذلك يظنه الرائي ماء وليس بماء.
وقيل : نسفت من أصولها.
وقيل : أزيلت عن مواضعها.
قال ابن الخطيب (٢) : إن الله ـ تعالى ـ ذكر أحوال الجبال بوجوه مختلفة ، ويمكن الجمع بينها بوجوه ، بأن نقول :
أول أحوالها : الاندكاك ، وهو قوله تعالى : (وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً) [الحاقة : ١٤].
والحالة الثانية : أن تصير كالعهن المنفوش ، وهو قوله تعالى : (وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) [القارعة : ٥].
والحالة الثالثة : أن تصير كالهباء ، وهو قوله تعالى : (وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا).
__________________
(١) ينظر : الفخر الرازي ٣١ / ١١.
(٢) السابق.