والثاني : أنه حال من «السبيل» على المجاز.
قال الزمخشري : «ويجوز أن يكونا حالين من السبيل أي عرفناه السبيل ، إما سبيلا شاكرا ، وإما سبيلا كفورا ، كقوله تعالى : (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) [البلد : ١٠] ، فوصف السبيل بالشكر والكفر مجازا».
والعامة على كسر همزة «إما» ، وهي المرادفة ل «أو» وقد تقدم خلاف النحويين فيها.
ونقل مكي عن الكوفيين أن هاهنا : «إن» الشرطية زيدت بعدها «ما» ثم قال : «وهذا لا يجيزه البصريون ؛ لأن «إن» الشرطية لا تدخل على الأسماء إلّا أن يضمر فعل نحو : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [التوبة : ٦] ، ولا يصح إضمار الفعل هنا ؛ لأنه كان يلزم رفع «شاكر» ، وأيضا لا دليل على الفعل» انتهى.
قال شهاب الدين (١) : لا نسلم أنه يلزم رفع «شاكرا» مع إضمار الفعل ، ويمكن أن يضمر فعل ينصب «شاكرا» تقديره : إنا خلقناه شاكرا فشكورا ، وإنا خلقناه كافرا فكفورا.
وقرأ أبو السمال (٢) ، وأبو العجاج : بفتحها ، وفيها وجهان :
أحدهما : أنها العاطفة وأنها لغة ، وبعضهم فتح الهمزة ؛ وأنشدوا على ذلك : [الطويل]
٥٠٢٦ ـ تنفّخها أمّا شمال عريّة |
|
وأمّا صبا جنح العشيّ هبوب (٣) |
بفتح الهمزة.
ويجوز مع فتح الهمزة إبدال ميمها الأولى ياء ؛ قال : [البسيط]
٥٠٢٧ ـ أيما إلى جنّة أيما إلى نار (٤)
وحذف الواو بينهما.
والثاني : أنها «إما» التفصيلية وجوابها مقدر.
قال الزمخشري : وهي قراءة حسنة ، والمعنى : إما شاكرا فبتوفيقنا ، وإما كفورا فبسوء اختياره انتهى ، ولم يذكر غيره.
__________________
(١) السابق.
(٢) ينظر المحرر الوجيز ٥ / ٤٠٩ ، والبحر المحيط ٨ / ٣٨٦.
(٣) البيت لأبي القمقام الأسدي ينظر خزانة الأدب ١١ / ٨٧ ، والدرر ٦ / ١٢٠ ، ورصف المباني ص ١٠١ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٣٥ ، والمقرب ١ / ٢٣١ ، وشرح جمل الزجاجي لابن عصفور ١ / ٢٣٢ ، والبحر ٨ / ٣٨٧ ، والدر المصون ٦ / ٤٣٩.
(٤) تقدم.