وقد عشرت الناقة تعشيرا : أي : صارت عشراء.
وقيل : «العشار» : السّحاب ، و «عطلت» : أي : لا تمطر.
والعرب تشبه السحاب بالحامل ، قال تعالى : (فَالْحامِلاتِ وِقْراً) [الذاريات : ٢].
وقيل : الأرض تعطل زرعها.
والتعطيل : الإهمال ، ومنه قيل للمرأة : عاطل إذا لم يكن عليها حليّ. وتقدم في «بئر معطلة» (١).
قال امرؤ القيس : [الطويل]
٥١٢٠ ـ وجيد كجيد الرّئم ليس بفاحش |
|
إذا هي نصّته ولا بمعطّل (٢) |
وقرأ ابن كثير (٣) في رواية : «عطلت» بتخفيف الطاء.
قال الرازي : هو غلط ، إنما هو بفتحتين ، بمعنى : «تعطّلت» ؛ لأن التشديد فيه للتعدي ، يقال : عطلت الشيء ، وأعطله فعطل.
قوله تعالى : (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) ، الوحوش : ما لم يتأنس به من حيوان البرّ ، والوحش أيضا : المكان الذي لا أنس فيه ، ومنه : لقيته بوحش أي : ببلد قفر ، والوحش : الذي يبيت وجوفه خاليا من طعام ، وجمعه : أوحاش ، وسمّي به المنسوب إلى المكان الوحشيّ : وحشي ، وعبر بالوحشي عن الجانب الذي يضاد الإنسي ، والإنسي : ما يقبل من الإنسان وعلى هذا وحشي الفرس وإنسيه.
وقوله تعالى : (حُشِرَتْ). أي : جمعت ، والحشر : الجمع قاله الحسن وقتادة وغيرهما(٤).
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : حشرها موتها ، رواه عكرمة (٥) ، وحشر كلّ شيء : الموت لغير الجن والإنس ، فإنهما يوافيان يوم القيامة.
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : يحشر كلّ شيء حتى الذباب (٦).
وعن ابن عباس ـ أيضا ـ : يحشر الوحوش غدا ، أي : تجمع ، حتى يقتصّ لبعضها من بعض ، فيقتص للجمّاء من القرناء ثم يقال لها : كوني ترابا فتموت (٧).
__________________
(١) سورة الحج آية ٤٥.
(٢) ينظر : ديوانه ص ١٦ ، والمعلقات العشر للزوزني ٢٥ ، والبحر ٨ / ٤٢٤ ، والمحرر الوجيز ١ / ٤٧٩ ، والدر المصون ٦ / ٤٨٨.
(٣) ينظر : إعراب القراءات ٢ / ٤٤٣ ، والبحر المحيط ٨ / ٤٢٣ ، والدر المصون ٦ / ٤٨٥.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٤٦٠) عن قتادة.
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٤٥٩) من طريق عكرمة عن ابن عباس.
(٦) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٢٧) وعزاه إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٧) تقدم في سورة النبأ.