القرآن ، والأعمال بخواتيمها (١) ، ويؤيده قراءة علي (٢) بن أبي طالب ـ كرم الله وجهه ـ واختاره الكسائي ، فإنه قرأ : «خاتمه مسك» أي : آخره ، كما يقال : خاتم النبيين ، ومعناه واحد.
قال الفراء : وهما متقاربان في المعنى ، إلا أن الخاتم : الاسم ، والختام : المصدر ، كقولهم : هو كريم الطّباع والطّابع ، والختام والخاتم.
وقال قتادة : يمزج لهم بالكافور ، ويختم لهم بالمسك (٣).
وقال مجاهد : مختوم ، أي : مطين (٤).
قوله : (خِتامُهُ) أي : طينه مسك.
قال ابن زيد : ختامه عند الله مسك ، وختام الدنيا طين.
وقرأ الكسائي (٥) : «خاتمه» بفتح التاء بعد الألف.
والباقون : بتقديمها على الألف.
فوجه قراءة الكسائي : أنه جعله اسما لما يختم به الكأس ، بدليل قوله : «مختوم».
ثم بين الخاتم ما هو ، فروي عن الكسائي أيضا : كسر التاء ، فيكون كقوله تعالى : (وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) [الأحزاب : ٤٠] ، والمعنى : خاتم رائحته مسك ووجه قراءة الجماعة : أن الختام هو الطين الذي يختم به الشيء ، فجعل بدله المسك.
قال الشاعر : [الوافر]
٥١٣٠ ـ كأنّ مشعشعا من خمر بصرى |
|
نمته البحت مشدود الختام (٦) |
وقيل : خلطه ومزاجه.
وقيل : خاتمته أي : مقطع شربه يجد الإنسان فيه ريح المسك.
قيل : سمّي المسك مسكا ؛ لأن الغزال يمسكه في سرّته ، والمساكة : البخل وحبس
__________________
(١) ذكره القرطبي في تفسيره (١٩ / ١٧٤).
(٢) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٤٥٣ ، والبحر المحيط ٨ / ٤٣٤ ، والدر المصون ٦ / ٤٩٤.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٤٩٨) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٤٣) وعزاه إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد.
(٤) ذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ٤٦١).
(٥) ينظر : الحجة للقراء السبعة ٦ / ٣٨٦ ـ ٣٨٧ ، وإعراب القراءات ٢ / ٤٥١ ، وحجة القراءات ٧٥٤.
(٦) يروى البيت برواية :
فبتن جنابتيّ مصوّعات |
|
وبتّ أفضّ أغلاق الختام |
ينظر معاني القرآن للفراء ٣ / ٣٤٨ ، واللسان (ختم) ، (غلق) ، والقرطبي ١٩ / ٩٧٤ ، والبحر ٨ / ٤٣٤ ، والدر المصون ٦ / ٤٩٤.