قال ابن الخطيب (١) : إنهم ينظرون إلى ربهم بدليل قوله تعالى : (تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ).
قوله تعالى : (تَعْرِفُ). العامة : على إسناد الفعل إلى المخاطب ، أي : تعرف أنت يا محمد ، أو كل من صح منه المعرفة.
وقرأ أبو جعفر وابن أبي إسحاق وشيبة وطلحة ويعقوب والزعفراني (٢) : «تعرف» مبنيا للمفعول ، و «نضرة» : بالرفع على قيامها مقام الفاعل.
وعلي بن زيد (٣) : كذلك إلا أنه بالياء أسفل ؛ لأن التأنيث مجازي.
والمعنى : إذا رأيتهم عرفت أنّهم من أهل النّعيم مما ترى في وجوههم من النور والحسن والبياض.
وقال الحسن : النضرة في الوجه والسّرور في القلب (٤).
قوله تعالى : (يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ).
قال الليث : الرّحيق : الخمر (٥).
وقيل : الخمر الصافية الطيبة.
وقال مقاتل : الخمر البيضاء (٦).
وقال ابن الخطيب (٧) : لعله الخمر الموصوف بقوله تعالى : (لا فِيها غَوْلٌ).
قوله : «مختوم» ، أي : ختم ومنع أن تمسّه يد إلى أن يفكّ ختم الأبرار.
قال القفال (٨) : يحتمل أن يكون ختم عليه تكريما له بالصيانة على ما جرت به العادة من ختم ما يكرم ويصان ، وهناك خمر أخرى تجري أنهارا ، لقوله : (وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ) [محمد : ١٥] ، إلّا أنّ هذا المختوم أشرف من الجاري.
وقال أبو عبيدة والمبرد والزجاج : «المختوم» : الذي له ختام أي : عاقبة.
وروى عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ : المختوم أشرف من الجاري الممزوج ختامه ، أي : آخر طعمه وعاقبته مسك ، وختم كلّ شيء : الفراغ منه ، ومنه يقال : ختمت
__________________
(١) ينظر الفخر الرازي ٣١ / ٨٩.
(٢) ينظر المحرر الوجيز ٥ / ٤٥٣ ، والبحر المحيط ٨ / ٤٣٤ ، والدر المصون ٦ / ٤٩٤.
(٣) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٤٣٤ ، والدر المصون ٦ / ٤٩٤.
(٤) ذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ٤٦١).
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٤٩٦ ـ ٤٩٧) عن ابن عباس وابن مسعود ومجاهد وقتادة وابن زيد.
(٦) ذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ٤٦١).
(٧) ينظر : الفخر الرازي ٣١ / ٩٠.
(٨) ينظر : السابق.