وقال أبو مسلم : هذا كناية عن العلو والرفعة ، والأول كناية عن الذّلّ والإهانة.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : «علّيّون» : لوح من زبرجدة خضراء معلّق تحت العرش أعمالهم مكتوبة فيه (١).
قال كعب وقتادة : هي قائمة العرش اليمنى (٢).
وقال ابن عباس : هو الجنة (٣).
وقال الضحاك : سدرة المنتهى (٤).
وقوله تعالى : (كِتابٌ مَرْقُومٌ) : ليس فيه تفسير عليّين ، أي : مكتوب أعمالهم كما تقدم في كتاب الفجار.
وقيل : كتب هناك ما أعد الله لهم من الكرامة.
قوله : (يَشْهَدُهُ) : جملة يجوز أن تكون صفة ثانية ، وأن تكون مستأنفة ، والمعنى : أنّ الملائكة الذين هم في عليين يشهدون ، ويحضرون ذلك المكتوب وذلك الكتاب إذا صعد به إلى عليين.
قوله تعالى : (إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ). لمّا عظم كتابهم عظم منزلتهم بأنّهم في النعيم ، ثم بين ذلك النعيم بأمور ثلاثة : أولها : بقوله تعالى : (عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ).
قال القفّال : «الأرائك» : الأسرّة في الحجال ، ولا تسمّى أريكة فيما زعموا إلا إذا كان كذلك.
وعن الحسن ـ رضي الله عنه ـ كنّا لا ندري ما الأريكة ، حتى لقينا رجل من أهل «اليمن» ، أخبرنا أن الأريكة عندهم ذلك (٥). وقوله : «ينظرون» قيل : إلى أنواع نعيمهم من الحور والولدان ، وأنواع الأطعمة والأشربة والملابس والمراكب وغيرها.
وقال مقاتل : ينظرون إلى عدوّهم حين يعذبون (٦).
وقيل : إذا اشتهوا شيئا نظروا إليه ، فيحضرهم ذلك الشيء في الحال وقيل : يحمل على الكل.
__________________
(١) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٩ / ١٧٢).
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٤٩٣) عن قتادة وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٤١) وزاد نسبته إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٤٩٤) عن ابن عباس وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٤١) وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم وابن المنذر.
(٤) ذكره القرطبي في «تفسيره» ١٩ / ١٧٢.
(٥) ذكره الرازي في «تفسيره» (٣١ / ٨٩).
(٦) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٩ / ١٧٣).