وقال ابن عطيّة هنا كما قال هناك (١) ، ويرد عليه بما تقدم ، و «علّيّون» : جمع «علّيّ» ، أو هو اسم مكان في أعلى الجنة ، وجرى مجرى جمع العقلاء ، فرفع بالواو ، ونصب وجر بالياء ، مع فوات شرط العقل.
وقال أبو البقاء (٢) : واحدها «عليّ» وهو الملك.
وقيل : هو صيغة للجمع مثل عشرين ، ثم ذكر نحوا مما ذكره في «سجّين» من الحذف المتقدم.
وقال الزمخشري (٣) : «علّيّون» علم لديوان الخير الذي دوّن فيه كلّ ما عملته الملائكة وصلحاء الثقلين منقول من جمع «عليّ» «فعيل» من العلو ك «سجين» من السجن ، سمي بذلك ، إمّا لأنّه سبب الارتفاع إلى أعلى الدرجات في الجنة ، وإما لأنّه مرفوع في السماء السابعة.
وتلك الأقوال الماضية في «سجّين» كلّها عائدة هنا.
وروي عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : أنّها السماء السابعة (٤).
وقال مقاتل وقتادة : هي سدرة المنتهى (٥).
وقال الفراء : يعني : ارتفاعها بعد ارتفاع لا غاية له.
وقال الزجاج : أعلى الأمكنة.
وقال آخرون : هي مراتب عالية محفوفة بالجلالة.
وقال آخرون : عند كتاب أعمال الملائكة ، لقوله تعالى : (وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ) ، وذلك تنبيه على أنّه معلوم ، وأنه سيعرفه ، ثم قال تعالى : (كِتابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ) فبين أن كتابهم في هذا الكتاب بالمرقوم الذي يشهده المقربون من الملائكة ، فكأنّه ـ تعالى ـ كما وكلّهم باللوح المحفوظ ، فكذلك وكلّهم بحفظ كتب الأبرار في جملة ذلك الكتاب الذي هو أم الكتاب على وجه الإعظام له ، ولا يمنع أن الحفظة إذا صعدت تكتب الأبرار بأنهم يسلمونها إلى هؤلاء المقربين ، فيحفظونها كما يحفظون كتب أنفسهم ، أو ينقلون ما في تلك الصحائف إلى ذلك الكتاب الذي وكّلوا بحفظه ، ويصير علمهم شهادة لهؤلاء الأبرار ، فلذلك يحاسبون حسابا يسيرا.
وقيل : المعنى : ارتفاع بعد ارتفاع.
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٤٥٢.
(٢) ينظر : الإملاء ٢ / ٢٨٣.
(٣) ينظر : الكشاف ٤ / ٧٢٢.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٤٩٣) عن كعب وقتادة ومجاهد.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٤١) عن مجاهد وعزاه إلى عبد بن حميد.
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٤٩٤) عن الضحاك.